للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختارت أذكاراً اشتهرت بينها مجانبة للصواب، فالأُمة منذ فجر تاريخها انتشرت بين أبنائها أدعية واستغاثاتٌ الكثير منها لم يأت بحرفية ما في الكتاب والسنة، لكنه جاء متفقاً مع ما ورد في هذين الأصلين الرئيسيين، ومستنبطاً منهما، ولم تخطّئ الأُمة علماءها وعامتها فيما صارت إليه، وعلى سبيل المثال لا الحصر الإمام النووي وهو العالم العامل الذي أجمعت الأمة على تقدمه في علوم اللغة والحديث والفقه والاجتهاد والورع ومعرفة الله تعالى، نجدُ له ورداً صحت نسبته إليه، دون أن ينكر عليه أحد.

هذا الاختلاف الثابت في الصحاح، والذي هو دليل التنوع والسعة، لا يمنعني من القول: إنَّ الاقتصار على تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المستحب عند أكثر العلماء وبه قال مالك والشافعي، والله أعلم (١).

التلبية التي هي شعار الإحرام (٢) بين حجاج بيت الله الحرام لا ترفع المرأة بها صوتاً خشية الفتنة، بل تؤديها بالصوت المنخفض، ثم بعد ذلك في حق كل من الرجل والمرأة، تستحب التلبية عند تغاير الأحوال، كالقيام والقعود، والركوب والنزول، والصعود والهبوط، وإقبال الليل والنهار، واجتماع الرفاق، وأدبار الصلوات وفي المساجد كلها (٣). قال الإمام النووي: "والأصح أنه لا يلبي في الطواف والسعي لأن لها أذكاراً مخصوصة. ويستحب أن يكرر التلبية كل مرة ثلاث مرات فأكثر، ويواليها ولا يقطعها بكلام، فإنْ سلّم عليه أحد ردَّ السلام باللفظ، ويكره السلام عليه في هذه الحال، وإذا لبَّى صلى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسأل الله تعالى ما شاء لنفسه ولمن أحبه للمسلمين، وأفضله سؤال


(١) صحيح مسلم بشرح النووي فيما نقله عن القاضي عياض ج ٨ ص ٣٣٢.
(٢) جعل التلبية شعاراً للحج ورد في حديث حسن أخرجه ابن خزيمة في صحيحه برقم ٢٦٢٨ و ٢٦٢٩.
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي، باب التلبية وصفتها ج ٨ ص ٢٦٧.

<<  <   >  >>