للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويختلف الرَّمَلُ عن الاضطباع بأنَّ الرَّمَلَ يختص بالثلاثة الأُوَل، أما الاضطباع فيسن في جميع الطوْفات السبع كما نصّ عليه الإمام النووي (١).

والأصح أنه إذا فرغ من الطواف أزال الاضطباع وصلّى، فإذا فرغ من الصلاة أعاد الاضطباع وهي عبارة إمامنا الشافعي - رضي الله عنه -، ومن ثَمَّ يسعى بالاضطباع في جميع سعيه، وقيل: بين الميلين فقط، وإنما يضطبع في الطواف الذي يرمُلُ فيه، وما لا رملَ فيه لا اضطباع فيه (٢).

ويبدو لي أنّ الذي صرف الرَّمَل والاضطباع عن الوجوب تلك القرينة المستفادة من صحاح الأحاديث؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه في عمرة القضاء بهما كي يُظهروا أمام المشركين قوة وهم الذين كانوا يقولون: قد وهنتهم حمَّى يثرب. روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: أرأيت هذا الرمل بالبيت ثلاثة أطْوَافٍ، ومشي أربعة أطواف، أسنة هو فإنّ قومك يزعمون أنه سنة؟ قال: فقال: صدقوا وكذبوا قال: قلت: ما قولك صدقوا وكذبوا؟ قال: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة فقال المشركون: إنّ محمداً وأصحابه لا يستطيعون أن يطوفوا بالبيت من الهزال، وكانوا يحسدونه قال: فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرملوا ثلاثاً ويمشوا أربعاً" (٣). فابن عباس يرى أن الرّمل ليس سنة مقصودة تتكرر بتكرر السنين؛ لأن معناها خاص بإظهار القوة أمام المشركين وقد زالت العلة مخالفاً بذلك أكثر علماء الصحابة والتابعين الذين ذهبوا إلى أنّ الرمل سنة بدليل فعل


(١) حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح في مناسك الحج للإمام النووي ص ٢٥٨.
(٢) نفس المرجع ص ٢٥٧.
(٣) مسلم برقم (١٢٦٤/ ٢٣٧).

<<  <   >  >>