للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إنّ الطواف أيَّاً كان اسمه أو حكمه تجب فيه أُمورٌ، وتسن فيه أُخرى:

أولاً: يجب فيه ما يشترط في الصلاة من ستر العورة، والطهارة من الحدث الأصغر، والحدث الأكبر، وطهارة اللباس والمكان والبدن، بدليل ما أخرجه الإمامان الترمذي والنَّسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلّا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلَّمَ فيه فلا يتكلّمن إلّا بخير" (١)، ولما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مرّ وهو يطوف بالكعبة بإنسان ربط يده إلى إنسان بِسَيْرٍ أو بخيط أو بشيء غير ذلك، فقطعه النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده، ثم قال: "قُدْهُ بيده" (٢).

ومن الأدلة ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أخبره أنّ أبا بكر الصديق - رضي الله عنه -، بعثه في الحجة التي أمَّرَهُ عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل حجة الوداع يوم النحر، في رهْط يؤذن في الناس، ألّا يحجَّ بعد العام مشرك، ولا يطوفَ بالبيت عُرْيان" (٣).

وفي كشف العورة مسألة هامة: - فأكثر ما يفعله النساء خاصة - فمن طاف مكشوف جزء من عورته مهما كان قليلاً لم يصح طوافه، لذلك لو طافت ورِجلُها مكشوفة أو جزء منها أو كاشفة جزءاً من رأسها، ولو شعرة واحدة، لم يصح طوافها؛ لأن ذلك


(١) أخرجه الإمام أبو عيسى الترمذي ـ محمد بن عيسى بن سَوْرَة ـ برقم ٩٦٠. قال أبو عيسى الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم يستحبون أن لا يتكلم الرجل في الطواف إلّا لحاجة، أو بذكر الله تعالى، أو من العلم. كما أخرجه النّسائي عن طاوُس عن رجلٍ أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الطوافُ حول البيت صلاة قأقلُّوا من الكلام" ج ٥ ص ٢٢٢، باب: إباحة الكلام في الطواف.
(٢) صحيح البخاري برقم (١٦٢٠). والسَّيْر معروف وهو ما يصنع من الجلد لشراك النعل، وقُدْهُ أي جُرّه، أمره بذلك، وقد قطع النبي - صلى الله عليه وسلم - السير؛ لأنه منكر لا يُزال إلّا بذلك. اُنظر فتح الباري على صحيح البخاري باب الكلام في الطواف ج ٣ ص ٦٠٩.
(٣) البخاري برقم (١٦٢٢)، هذا ويجوز رفع يطوف على أنَّ أن مخففة من الثقيلة.

<<  <   >  >>