للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا لم يستلم الركن اليماني لزحمة، أو تركه من نفسه أشار إليه بيده عند الشافعية والحنبلية ومحمد بن الحسن من الحنفية (١).

والذي أفتى به الشافعية أنه يتخيّر بين استلام الركن اليماني باليد أو بما فيها من نحو محجن أو عود خلافاً للحجر الأسود الذي لا تخير في استلامه بين اليد أو ما فيها؛ لأنه لزيادة شرفه لا يستلمه بما في يده إلّا عند العجز عن استلامه بيده.

أما في الإشارة إلى الركن اليماني عند العجز عن استلامه، فيستوي حكمها بين الركن الأسود والركن اليماني فلا يصار إليها إلّا عند العجز عن الاستلام باليد أو بما فيها كالعصا (٢).

وهل يُقبّل الركن اليمانيَّ كما يقبّل الحجر الأسود بعد استلامه؟

الذي نص عليه علماء الشافعية وجمهورهم أن مستلم الركن اليماني لايقبله؛ لأن الذين رووا استلام النبي - صلى الله عليه وسلم - للركنين الأسود واليماني صرّحوا بتقبيل الحجر الأسود بعد استلامه، ولم يعرِّجوا على تقبيل الركن اليماني بعد استلامه، ولو رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبَّله لبلّغوا ما رأوه لأمتهم، لذلك قال الإمام النووي: "ويستحب استلامُ الحجر الأسود وتقبيله، واستلام اليماني وتقبيل اليد بعده عند محاذاتهما في كل طوفة، وهو في الأوتار آكد؛ لأنهما أفضل، فإنْ منعته زحمة من التقبيل اقتصر على الاستلام، فإنْ لم يمكنه أشار


(١) أما المالكية فقد كرهوا الإشارة إلى الركن اليماني، وكذلك الحنفية ذهبوا إلى عدم الإشارة إليه؛ لأن الإشارة إليه في اجتهادهم لا تصلح للنيابة عن الاستلام. كما أُشير هنا إلى أن من علماء الشافعية من وافق الحنفية في عدم النيابة بالإشارة، لذلك قال الإمام ابن حجر الهيتمي: "وخالف في ذلك ابن أبي الصيف، واختاره العزُّ بن جماعة". اُنظر الحاشية على شرح الإيضاح في مناسك الحج للنووي، ص ٢٦٦، "وفضل الحجر الأسود ومقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام" ص ٩٥.
(٢) اُنظر "الحاشية على شرح الإيضاح .... " ص ٢٦٥.

<<  <   >  >>