للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعلم، وأنت الأعزُّ الأكرم، اللهمّ! ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار (١) ". لكن الذي يتتبع الدعاء لا يجد فيه سنداً من حديث أو أثر، ويجد أن العلماء تبعوا الشافعي في هذا الدعاء وروَوْه عنه على أنه خبر من الأخبار الواردة، والصحيح ما ذكرت، والله تعالى أعلم.

أما دعاء استلام الحجر الأسود: "اللهمّ! إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ... " فقد أخرجه الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي في سننه الكبرى في روايته عن عليٍّ كرم الله وجهه لكن بسند ضعيف (٢). إلّا أنه من الضعيف الذي يُعمل به في فضائل الأعمال؛ لأنه لم يشتد ضعفه؛ ولأنه من الدعاء الذي يرسخ في قلوب الطائفين عقيدة الإيمان، وبواعث الاتّباع، ودواعي الاقتداء بسنة خير البشر - صلى الله عليه وسلم - فهو على هذا يندرج تحت الأصول الشرعية الثابتة، ناهيك عن أن الدعاء في الطواف حول البيت هو أصل ثانٍ من أصول هذه العبادة، لذلك استحبه الإمام النووي شيخ دار الحديث في دمشق، واستحبه معه سائر العلماء.

والخلاصة أنه يسن أن يكثر الطائفون في المسجد الحرام من الدعاء الوارد:

{رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةُ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، وأنه يستحب في بدء الطواف بصيغة "بسم الله، والله أكبر" وصيغة: "اللهمّ! إيماناً بك ... " لاستحباب كافة الفقهاء لها، وأنه يسن له أن يدعو بين الركنين إلى جانب ما ذكرته لك، بما أخرجه


(١) اُنظر نفس المرجع والصفحة، وانظر كذلك السنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ١٨٥، باب: القول في الطواف من رواية الربيع عن الشافعي برقم (٩٣٦٩).
(٢) قال أستاذنا الدكتور مصطفى ديب البغا في "الهدية المرضية بشرح وأدلة المقدمة الحضرمية" ص ٥٩٧."ورواه البيهقي في الحج (٥/ ٧٩) بإسناد ضعيف عن علي رضي الله عنه"، كما قال الإمام الشوكاني في فتح القدير: "وعن عبد الله بن السائب حديثٌ آخر عند ابن عساكر من طريق ابن ناجية بسند له ضعيف. وساق النص بتمامه: "بسم الله، والله أكبر، اللهمّ! إيماناً بك .... " ج ٥ ص ٥٧.

<<  <   >  >>