للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واجب يلزم في حق تاركه دم؛ لأنه تركه بغير عذر (١).

ولا يشترط بالسعي عند الشافعية طهارة (٢) أو ستر للعورة ولا يجب عليه ذلك فهو أشبه بالوقوف بعرفة لذا جاز أن يسعى الجنب والحائض والنفساء بعد أن أدوا الطواف حول البيت على طهارة كاملة فيه تماماً كما جاز لهم أن يقفوا في صعيد عرفات بعد أداء الطواف حال تمام الطهارة فيه؛ لأن كلَّاً من السعي والوقوف لا يتعلق بالمسجد الحرام بل يتم خارجه فالسعي خارج المسجد الحرام ولو اتصلت توسعته بفنائه - والموقف كذلك - هو خارج حدود المسجد الحرام بل والحرم جميعاً فلم تشترط في كلٍّ الطهارة.

وقد استدل الشافعية على هذا وذاك بحديث عائشة رضي الله عنها وقد أدركتها الحيضة في سَرِف - مكان قريب من مكة - فقال لها نبيُّنا وزوجها محمد عليه الصلاة والسلام: "فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي" (٣).


(١) لكن قال الحنفية: إن أراد أن يعود إلى مكة فعليه أن يعود بإحرام جديد؛ لأن إحرامه الأول قد ارتفع بطواف الزيارة بوقوع التحلل به فاحتاج معه إلى تجديد الإحرام. كما قالوا: لو عاد إلى مكة وسعى محرماً سقط عنه الدم لتداركه بالترك. اُنظر الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي ٣/ ٢٢٣٢.
(٢) يستحب أن يسعى على طهارة من الحدثين ومن النجس عند جمهور العلماء فلو ترك ذلك صح سعيه عند الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم. اُنظر الحج والعمرة في الفقه الإسلامي للدكتور نور الدين عتر ص ٩٤.
(٣) حديث عائشة سبق تخريجه في الطواف عن البخاري في صحيحه، كما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى برقم (٩٤٣٨)، كما ذكر الإمام أبو بكر البيهقي في حديثه التالي عن أهل المدينة برقم (٩٤٣٩) نصاً يؤيد ما قاله العلماء، حيث نقل عن أهل المدينة أنهم كانوا يقولون: "أيمّا امرأة طافت بالبيت، ثم وجّهت لتطوف بالصفا والمروة فحاضت فلتطفْ بالصفا والمروة وهي حائض، وكذلك الذي يُحدث بعد أن يطوف وقبل أن يسعى" كما يؤيده ما عنون به الإمام البيهقي في السنن الكبرى من قوله: باب جواز السعي بين الصفا والمروة على غير طهارة، وإن كان الأفضل أن يكون على طهارة ج ٧ ص ٢٠٨. ولمزيد من الفائدة فإنّ سَرِف يقع بعد وادي الجموم (مرّ الظهران) وبالتحديد بعد نقطة النّورية للتفتيش قبل مدخل مكة المكرمة وهي معروفة لكل داخل وعندها بيدأ وادي سَرِف، حيث يصادفك على اليمين بناء قديم جداً هو البيت الذي بنى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أم المؤمنين ميمونة بنت حارث الهلالي في عمرة القضاء.

<<  <   >  >>