للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السعي بعد طواف الإفاضة، بل تكره إعادته؛ لأنه ليس من العبادات المستقلة التي يشرع تكرارها والإكثار منها كما مر، أما إن أخر السعي إلى ما بعد طواف الوداع فتجب عليه إعادة طواف الوداع لا غير؛ لأن وداع البيت بالطواف يأتي بعد الفراغ من سائر أعمال الحج (١). أما لو أحرم من بمكة بحج منها ثم تنفّل بطواف وأراد السعي بعده فلا يصح، ولو فعله فتجب عليه إعادته بعد طواف الإفاضة (٢).

وإذا تأخر السعي عن وقته الأصلي - وهي أيام النحر والتشريق - بعد طواف الإفاضة ولم يكن قد رجع إلى أهله فلا يضره أن يسعى بعدها؛ لأنه أتى بما وجب عليه؛ ولأنه أدى السعي في زمانه الممتد لكنه بذلك يخالف السنة في تركه السعي أيام النحر والتشريق (٣). أما إذا كان قد رجع إلى أهله فعند الشافعية والجمهور يلزمه أن يعود أدراجه إلى مكة ويسعى؛ لأنه لا يتحلل التحلل التام إلّا به، ولا بدمنه ولو رمى جمرة العقبة وطاف للإفاضة. هذا ويمكن في هذه الواقعة لمن لا يتمكن من العودة من وطنه إلى مكة بعد مغادرة أرض الحرمين إلَّا بعد زمن طويل سيبقى فيه محرماً وفق مذهب الشافعية أن يقلد مذهب السادة الحنفية القائلين بأن لا ركنية للسعي مكتفين بأنه


(١) نفس المرجع ص ٢٩٢ والمنهاج القويم لابن حجر الهيتمي ص ٤٢٤ ـ وتهذيب تحفة الحبيب في شرح نهاية التدريب للعلامة شهاب الدين أحمد بن حجازي الفشني الركن الرابع ص ٢٠٤.
(٢) اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح في مناسك الحج للنووي ص ٢٩٢ ومناسك الحج والعمرة للدكتور محمد توفيق رمضان البوطي ص ٩١. أقول: لهذا لا يتصور السعي من المقيم بمكة ولا من المتمتع قبل طواف الركن في مذهب السَّادة الشَّافعية.
(٣) عند الشافعية لا نهاية لوقت طواف الإفاضة غير أنه يكره تأخيره إلى أيام التشريق، ثم تأخيره إلى ما بعد أيام التشريق دون عذر أشد كراهة. ولما كان السعي تابعاً للطواف كان يوم النحر وقته الأصلي لمن لم يسع بعد طواف القدوم وبذلك صار امتداد وقت الإفاضة إلى أيام التشريق وما بعدها امتداداً لوقت السعي. أما عند الحنفية فكذلك ممتد لكنه إن أخر الطواف إلى ما بعد أيام التشريق وجب الدم عليه.

<<  <   >  >>