للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن عائشة عندنا قديماً ولا حديثاً (١)! .

والحق أن كلام الإمام مالك ليس مطعناً بعروة ولا بالسيدة التي روى عنها، ولا بالصحيح الذي اعتمده العلماء والأمة قاطبة، لكنه ترجيح لغير رواية عروة عن خالته عائشة ضمن كمٍّ من الروايات.

والحق أيضا أن تغليط عروة خروجاً عن التعارض الظاهر بين الروايات لم يكن اجتهاداً موفقاً ولا رأياً سديداً، وبالتالي فالقول بأن عائشة كانت مفردة بالحج استناداً إلى رواية عمرة والأسود والقاسم ينافيه روايات عروة عن عائشة التي أخرجها مسلم في صحيحه. والحق أيضاً -كما تعلم - أن ما بين دفّتي مسلم في الحديث المروي هو الصحيح من أعلى درجات الصحة لا سبيل اليوم لغُرَابٍ ينعق خارج السرب أن يشككنا فيه أو يطعن في سنده أو متنه وهو الكتاب الذي صنفه الإمام الحافظ مسلم بن الحجّاج القشيري (٢) نسباً النيسابوري وطناً الذي قال فيه النووي: "وهو أحد أعلام أئمة هذا الشأن وكبار المبرزين فيه وأهل الحفظ والإتقان والرحالين في طلبه إلى أئمة الأقطار والبلدان والمعترف له بالفضل فيه بلا خلاف عند أهل الحذق والعرفان المرجوع إلى كتابه المعتمد عليه في كل الأزمان" (٣).

ثم قال: "قلتُ: وَمنْ حقّقَ نظره في صحيح مسلم رحمه الله .... علم أنه إمامٌ لا يلحقه مَنْ بعد عصره، وقلَّ من يساويه بل يدانيه من أهل وقته ودهره، وذلك فضل الله


(١) اُنظر نفس المرجع والجزء ص ٣٠٤.
(٢) نسبة إلى قبيلة قشيرة العربية.
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ١/ ٢١.

<<  <   >  >>