للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحج، وأهلَّ به ناس معه، وأهلّ ناس بالعمرة والحج، وأهلّ ناس بعمرة، وكنت فيمن أهلّ بعمرة (١).

الرواية السادسة عشرة: عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع موافين لهلال ذي الحجة قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أراد منكم أن يُهِلّ بعمرة فلْيُهِلّ، فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة (٢). قالت: فكان من القوم من أهلّ بعمرة ومنهم من أهلّ بالحج. قالت: فكنتُ أنا ممن أهلّ بعمرة ... " (٣).

إن هذه الروايات المباركة التي بلغت ست عشرة رواية نقلتها لك عن سيدتنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهي كما ترى تختلف كل حزمة من الأحاديث فيها اختلافاً كثيراً عن حزمة أخرى تضم طائفة من مروياتٍ عن أُمّنا عائشة عليها سلام الله وبركاته.

اختلاف المرويات عنها بهذه الهيئة من التعارض دفع بعض أهل العلم إلى إنكار حديث عروة عن عائشة وهو مذهب مالك الذي قال: ليس العمل على حديث عروة


(١) صحيح مسلم برقم (١٢١١/ ١١٤).
(٢) قال الإمام النووي: "هذا مما يحتج به من يقول بتفضيل التمتع ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي". ووجه الدلالة منهما أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يتمنى إلّا الأفضل. وأجاب القائلون بتفضيل الإفراد بأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما قال هذا من أجل فسخ الحج إلى العمرة الذي هو خاص لهم في تلك السنة خاصة لمخالفة الجاهلية ولم يُرِدْ بذلك التمتع الذي فيه الخلاف، وقال هذا تطييباً لقلوب أصحابه وكانت نفوسهم لا تسمح بفسخ الحج إلى العمرة كما صرح به في الأحاديث التي بعد هذا فقال لهم - صلى الله عليه وسلم - هذا الكلام ومعناه: ما يمنعني من موافقتكم فيما أمرتكم به إلّا سوقي الهدي ولولاه لوافقتكم ولو استقبلت هذا الرأي وهو الإحرام بالعمرة في أشهر الحج من أول أمري لم أسق الهدي وفي هذه الرواية تصريح بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن متمتعاً". اُنظر صحيح مسلم بشرح النووي ٨/ ٣٠٨.
(٣) صحيح مسلم برقم (١٢١١/ ١١٥).

<<  <   >  >>