للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلّا النساء أي الجماع ودواعيه كالقبلة واللمس بشهوة بدليل الحديث الذي رواه النسائي وابن ماجة موقوفاً على ابن عباس وفيه يقول ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رميتم فقد حل لكم كل شيء إلّا النساء" فقال رجل يا ابن عباس والطيب؟ فقال: أما أنا فقد رأيت


= ورمي جمرة العقبة لكن بشرط أن يكون الطواف مسبوقاً بسعي بعد طواف القدوم أو متبوعاً بسعي بعده أي بعد طواف الإفاضة. فإن طاف طواف الركن (الإفاضة ويسمى الزيارة) وكان قد سعى تحلل التحل الأول بالحلق أو التقصير والحلقُ عند الشافعية نسك لذلك عدوه ركناً أما الرمي فهو عندهم من أسباب التحلل لذلك لا يكفي التحلل برمي جمرة العقبة دون أن يتبع ذلك حلق أو طواف نال حظه من السعي (والسعي ركن) بعده أو بعد طواف القدوم.
أما الذبح عند الشافعية فلا عبرة فيه؛ لأنه لا مدخل له عندهم في مسألة التحلل. لا فرق في ذلك بين أن يكون الإحرام بالإفراد أو التمتع أو القران.
أما السادة الحنفية فالتحلل عندهم لا يتأتى إلا بالحلق، فلو رمى الحاج وذبح وطاف ولم يحلق لم يتحلل عندهم. ولو طاف عند الحنفية للإفاضة ولم يسعَ بعده ولم يكن قد سعى بعد طواف القدوم فإنه يتحلل بالحلق ولا يضر ترك السعي إذ لا يتوقف الإحلال على السعي عندهم؛ لأنه من الواجبات ولأنهم علقوا التحلل بالحلق.
وعند الإمام مالك التحلل الأول يحصل برمي جمرة العقبة فقط، وهو قول الإمام أحمد، وهو ما يؤيده ظاهر الحديث الذي رواه ابن ماجة موقوفا على ابن عباس وفيه يقول ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا رميتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء ... ".
هذا في التحلل الأصغر أما التحلل الأكبر وهو الثاني والأخير فيحصل عند الشافعية والحنبلية بتكميل فعل الثلاثة: جمرة العقبة والحلق والطواف بشرط السعي بعد القدوم أو الإفاضة، وإلا لم يتحلل التحلل الكامل حتى يسعى.
أما الحنفية فالتحلل الثاني يحصل بطواف الزيارة إذا سبقه الحلق؛ لأن الحلق يتوقف على فعله التحلل الأول وطواف الإفاضة يتوقف على فعله التحلل الثاني إذا سبقه الحلق، فإن طاف للزيارة ولم يحلق لم يتحلّلْ. ولا يضرّ السعي إذا تركه عند الحنفية لما سبق أنه واجب. أما المالكية فالتحلل الثاني عندهم يحصل بطواف الإفاضة لمن حلق ورمى جمرة العقبة فيتحلل بالإفاضة والحلق بشرط السعي أيضاً. قال الدكتور نور الدين عتر: "وحصول التحلل الأكبر باستيفاء الأربعة: رمي جمرة العقبة والنحر، والحلق وطواف الإفاضة بشرط السعي موضع إجماع أئمة المسلمين لا خلاف فيه بينهم، لكن يجب عليه فعل بقية أعمال الحج إن كان حلالاً". وما أحسن قول الرملي: "ويجب عليه الإتيان بما بقي من أعمال الحج وهو الرمي والمبيت مع أنه غير محرم كما يخرج المصلي بالتسليمة الأولى من صلاته ويطلب منه الثانية". اُنظر لهذا وغيره من الفوائد: "الحج والعمرة في الفقه الإسلامي د. عتر فقرة (٦٨) و (٦٩) من ص ١١٦ (إلى) ١١٨ ـ وفقرة ١٥٤ ص ٢٣٢. وانظر الفقه الإسلامي وأدلته وهبة الزحيلي ج ٣ ـ ص ٢٢٨٦ ـ ٢٢٩٠. والحاشية لابن حجر على شرح الإيضاح للنووي ص ٣٨٠ والصفحات من ٣٨٩ إلى ٣٩٢.

<<  <   >  >>