للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضمخ رأسه بالمسك. أفطيب ذلك أم لا؟

وزاد الشافعية والحنبلية عقد النكاح لما رواه مسلم وغيره لا يَنْكِحُ المحرم ولا يُنكِح أي لا يتولى ذلك لنفسه ولا لغيره، ويبدو أنهم عدوا ذلك من أمر النساء الذي لا يحل إلّا بعد التحلل النهائي. وزاد المالكية والصيد، فلا يحلّ عندهم بعد التحلل الأول لقوله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ٩٥]. وما دام الحاج لم يتحلل التحلل الأكبر فهو في اجتهادهم يدخل تحت قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}.

وإذا تحلل الحاج وبات في منى، ورمى ما عليه من حصى الجمار في الأيام المعدودة وأدى ما عليه من مناسك الحج بأركانه وواجباته سن له عند الحنفية أن ينزل بوادي المحصّب أو الأبطح في النفر من منى إلى مكة المكرمة، وهو الوادي الذي يقع اليوم داخل حدود مدينة مكة المكرمة العمرانية بعد توسعها حيث نلحظه عند مدخل المدينة المقدسة بين الجبلين في طريقنا لى المقبرة المسماة بالحَجون بين قصر الملك عبد العزيز في المعابدة وجبانة المَعْلاة التي تليها من جهة الحرم المكي الشريف وهو المكان المشغول اليوم ببعض الأبنية.

وفي هذه السنّة التي اقتصرت على اجتهاد السادة الحنفية يقول الشيخ الدكتور نور الدين عتر وهو حنفي المذهب: "فيسن أن تنزل فيه، وتصلي في أي مسجد هناك: الظهر والعصر والمغرب والعشاء أو امكُثْ ما تيسر لك تحصيلاً للسنة قدر الإمكان لتعيش بقلبك وروحك في ذكريات الجهاد الذي قاده النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فهذه حكمة هذه السنة. قال - صلى الله عليه وسلم -: "نحن نازلون بخيف بني كنانة حيث قاسمت قريش على الكفر" (١).


(١) الخَيفْ هو هذا المحصّب أو الوادي الذي أحدثك عنه. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " حيث قاسمت قريش على الكفر" يشير به إلى تحالف قريش وبني كنانة على بني هاشم وبني المطلب في صدر الدعوة الإسلامية حين تعاهدوا على إخراجهم إلى شِعب أبي طالب وألّا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلّموا إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكتبوا بينهم الصحيفة المشهورة التي تضمنت ألواناً من الباطل وقطيعة الرحم والكفر وكان ذلك في خيف بني كنانة وهو الأبطح أو وادي المحصب. اُنظر صحيح مسلم بشرح النووي عليه ج ٩ ـ ص ٢٣٣.
الحج والعمرة في الفقه الإسلامي ـ د. نور الدين عتر الفقرة (١٥٥) ص ٢٣٥ و ١٢٨.

<<  <   >  >>