الشمس الحارقة فكيف الحال حين يكون المنتظرون هناك شيوخ وقواعد من النساء؟ وكيف إذا كان هؤلاء أعداداً غفيرة في قافلة واحدة ولا مأوى لهم ولا ظل يحميهم في ظروف درجات حرارة عالية أحياناً إلى حد يتساقط فيه أفراد الحجاج تترى؟ .
وكيف يمكن للقائمين على هذه الأفواج أن يواجهوا الحجاج إن منعوا من دخول أرض عرفة أو الوصول إلى مواقع الخيام؟
أمام هذا الواقع الذي تحتاج معه فريضة الحج إلى سياسة جديدة تقصى بها الباصات ووسائل النقل المعتادة وتستقدم وسائل علمية تتناسب مع رقي هذا الركن وجليل حكمته من قطارات كهربائية بعشرات الخطوط، أو سلالم متحركة أفقياً تنقل الحجاج فيما بين مواضع المناسك المختلفة بحيث يخصص لكل مجموعة من الأفواج قطار يقلهم تتلوه قطارات على ذات السكة، وبالتالي يتحول ركاب الحافلات إلى مرتادي حافلات القطارات، فتحافظ سماء المشاعر على صفائها المادي أُسوة بالصفاء الروحي والمعنوي.
أمام هذا الواقع لا يسعني إلّا أن أرمق بناظري عظمة الإسلام الذي لم يجعل مناسك الحج وسائر عبادات الدين الإسلامي لوناً واحداً رحمة بالعباد الذين صادفوا في هذه العبادة أركاناً لا كفارة لها ولا يصح الحج إلّا بها، وواجباتٍ لو اضطر الحاج إلى تركها فلا تضطرب الصحة في الأداء - ويلزمه فقط كفارات تعوض النقص والخلل - وسنناً وآداباً كلما اغترف الحجاج من ينابيعها الطاهرة غرفة صاروا إلى الحج المبرور أقرب أما إذا اضطرتهم الظروف والأولويات إلى تجاوز شيء منها فإن الحج الذي يؤدونه صحيح لا قضاء فيه ولا كفارة، وفي هذا يأتي كلام الإمام النووي حول سنن اليوم الثامن من ذي الحجة ضياء نستبين به الطريق ونعالج على وضوحه كل عقبة