للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عندما ينفر الحجاج صباح اليوم التاسع من منى فالمستحب عند أهل العلم نزولهم بنمرة التي تقع على الحدود المتاخمة لعرفات دون أن تدخل فيها، وهناك يَنْصِبُ من كان له خيمة قُبّة يستظل بها (١) من حر الشمس اقتداء منه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أمر بضرب قبة له من شعر في نمرة وافاها لدى نزوله تلك الأرض.

ومن السنة اغتسالهم حيث ضربوا خيامهم استعداداً لاجتماع ضيوف الرحمن في موقف عرفة، ومن عجز عن الاغتسال تيمم ويكون ذلك قبل الزوال.

ومن أعمالهم في نمرة المكث فيها حتى تزول الشمس عن منتصف السماء في الهاجرة (٢)، فإذا زالت ذهب الإمام والناس جميعاً إلى المسجد الذي صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويدعى مسجد إبراهيم - عليه السلام - وهو يعرف الآن بمسجد نمرة، وهو قائم اليوم كالعلم في تلك الأرض، وفيه يخطب الإمام في الجزء الذي لا يدخل في عرفة (٣)

خطبتين خفيفتين، ثم يؤذن المؤذن، ثم يقيم لصلاة الظهر، ثم يقيم لصلاة العصر حيث يصليهما جمع تقديم كما


(١) قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم في نفس الجزء والصفحة: "وفي هذا الحديث جواز الاستظلال للمحرم بقبة وغيرها ولا خلاف في جوازه للنازل واختلفوا في جوازه للراكب فمذهبنا جوازه وبه قال كثيرون وكرهه مالك وأحمد".
(٢) قال الإمام محمد بن علي الشوكاني في نيل الأوطار ج ٥ ـ ص ٧٠: "الهاجرة منتصف النهار، وعند اشتداد الحر. والتوجه وقت الهاجرة في ذلك اليوم سنة لما يلزم من تعجيل الصلاة ذلك اليوم، وقد أشار البخاري إلى هذا الحديث - أي حديث ابن عمر: حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهجرّاً - في صحيحه فقال: باب التهجير في الرواح يوم عرفة أي من نمرة".
(٣) قال الإمام النووي: "واعلم أنه ليس من عرفات وادي عُرَنة ولا نمرة ولا المسجد الذي يصلي فيه الإمام المسمى مسجد إبراهيم - عليه السلام - ويقال أيضاً مسجد عرنة، بل هذه المواضع خارج عرفات على طرفها الغربي مما يلي مزدلفة ومنى ومكة".

أقول: لقد زيد به بعد الشافعي رحمه الله لذلك قال الإمام أبو محمد الجويني: مقدّم هذا المسجد في طرف وادي عرنة لا في عرفات. اُنظر الحاشية للإمام ابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح في مناسك الحج للنووي ص ٣١٢.

<<  <   >  >>