المخبر واحداً ـ وهو الصحيح ـ وهو الباري عز وجل فالخبر لا يجوز تعدده ولو تعدد المخبرون؛ لأن الأخبار هي من قبيل المعاني التي لا تحمل التناقض.
وكذا لْمَ يمالئ النصارى الذين يذهبون إلى أن عيسى - عليه السلام - هو القسيم الثاني في آلهة ثلاثية الأركان! وأنه ابن الله: وأنه صلب فداء للبشرية فإذا به - صلى الله عليه وسلم - يتقدم إليهم بأدب المحاور اللطيف الثابت على عقيدته وهو أحد أعضاء أسرة الرسالة السماوية بل أحد المتميزين فيها ولادة ومسيرة وفضلاً فهو واحد من أولي العزم من الرسل، تماماً كنظيره موسى، ونظيره عيسى عليهما السلام، لذلك تقدم إليهم بصريح العبارة التي لا يختلف فيها اثنان بأن عيسى صلوات الله عليه عبد الله ورسوله وأنه ما قتل وما صلب وأنّ الذين اختلفوا فيه لفي شك منه وما قتلوه يقيناً، لا بل رفع إلى السماوات العلى بروحه الطاهرة وبجسده المبارك ونزل فيهم ضيفاً كريماً على ربِّ العزة إلى أن يحين الأجل المضروب لنزوله نبياً مباركاً وقائداً موفقاً وقاضياً ومفتياً بشريعة القرآن التي ضمت بين دفتيها إنجيل عيسى وتوراة موسى وزبور داود وصحف إبراهيم، وأن المسلمين والمسيحيين وسائر الناس يومئذ أتباعه وجنوده وصحبه الكرام، وأنه يحج بيت الله الحرام ملبياً ويملأ هذه الدنيا بركة وعدلاً بعد أن ملأت ظلماً وجوراً، وأنه يموت كما يموت الخلق وكما مات من قبل موسى ومحمد وسائر الأنبياء والرسل عليهم جميعاً أزكى صلاة وسلام، وأنه يدفن كما يدفن سائر الخلق، على أنّ هناك من يقول إنه يدفن إلى جوار محمد - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه أبي بكر الصديق والفاروق عمر بن الخطاب في المدينة المنورة.
هذا هو المنهج النبوي في تناول القضايا والثوابت الإسلامية تبرزه لنا هذه الفريضة وهي تسجل في رحلة الحج إلى بيت الله الحرام ذكريات من امتزجت قلوبهم بنبض العبودية لخالقهم فرسمت مسيرة تلبيتهم إلى بيت الله الحرام وحدة الرسل