للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليها فقامت بسيد الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم - فتحرك بها إلى أن أتى المسجد المسمى باسم أبيه إبراهيم عليهما السلام في بطن وادي عرنة وهناك يخطب الإمام كما خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمته خطبتين خفيفتين قبل صلاة الظهر يبين لهم في الأولى الوقوف بعرفة وشرطه ومتى الدفع من عرفة، والمبيت بالمزدلفة وأخذ الحصى منها لرمي الجمار وغير ذلك، كما يحرضهم فيها على إكثار الدعاء والتهليل في الموقف (١) دون أن يفوته التنبيه على أهم قضايا الأمة اقتداء منه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خطبته الجامعة المانعة التي سندرسها في الفقرة التالية من كلام جابر - رضي الله عنه -.

ومن السنة أن يخفف هذه الخطبة لكن لا يبلغ في تخفيفها تخفيف الثانية؛ لأن الأولى هي المقصودة والثانية مجرد ذكر لهذا شرعت مع الأذان؛ ولهذا طلب تخفيفها قصداً للتعجيل والمبادرة بالصلاة لإدراك أول الوقوف كما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

ومن السنة الجلوس بين الخطبتين قدر قراءة سورة الإخلاص (٣)، ثم يشرع بالأذان كما سيأتي معك من كلام جابر (٤).

روى البخاري في صحيحه عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كتب عبد الملك (٥) إلى الحَجاج أن لا يخالف ابن عمر في الحج فجاء ابن عمر وأنا معه يوم


(١) اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح ص ٣٠٧.
(٢) قال الشافعية والمالكية: يبدأ المؤذن والإمام يخطب أو بعد فراغه من الخطبة ويفرغ من الخطبة الثانية مع فراغ المؤذن. اُنظر نفس المرجع ص ٣٠٨، والفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي ج ٣ ص ٢٢٧٥.
(٣) اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح نفس الصفحة.
(٤) قال العلامة الشيخ الفيلسوف محمد بن رشد القرطبي في بداية المجتهد ونهاية المقتصد ج ١ ص ٣٤٧ "ولا خلاف بين العلماء أن الإمام لو لم يخطب يوم عرفة قبل الظهر أن صلاته جائزة بخلاف الجمعة".
(٥) أي عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي وذلك عندما أرسله لقتال عبد الله بن الزبير وكان ابن الزبير قد منع الحَجاج وعسكره من دخول مكة المكرمة فوقف في عرفة قبل طواف القدوم. اُنظر فتح الباري ج ٣ ص ٦٤٥.

<<  <   >  >>