للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإمام فيه حجاج بيت الله الحرام حكم التعجيل من منى، وحكم التأخير في منى، وحكم التوديع للبيت (١). روى الإمام أبو داود في سننه عن سرّاء بنت نبهان وكانت ربة بيت في الجاهلية قالت: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الرؤوس فقال: أيُّ يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: أليس أوسط أيام التشريق" (٢).

هذه الخطبة وسابقتها كخطبة السابع من ذي الحجة خطبة إفراد أي يخطب الإمام خطبة واحدة خلافاً لخطبة عرفات. قال الإمام النووي: "كل هذه الخطب إفراد وبعد صلاة الظهر إلّا التي يوم عرفات فإنها خطبتان وقبل الصلاة" (٣).

فهذه الخطب محطات تثقيفية ومنابر تعليمية وتوجيهية يطل بها الإسلام على أبنائه يقدم لهم الزاد المعرفي والوحي في كل مرحلة من مراحل هذه الفريضة العظيمة بما يكفيهم للمحطة التالية التي تنتظرهم لذلك قال الإمام النووي: "قال أصحابنا: ويعلمهم في كل خطبة ما يحتاجون إليه إلى الخطبة الأخرى (٤) والله أعلم" (٥).

ومن هذا يتبين لنا أن الحج إلى بيت الله الحرام ليس رحلة ترفيهية، ولا نزهة سياحية، وأنه عمل جهادي متواصل ينضبط إيقاعه على وقع الأحكام الشرعية، مما يتطلب من القائمين عليه محطات تعليمية تغطي إحداها مسافة زمنية محددة ليتلقى الحاج بعد ذلك محطة أُخرى تسلمه التالية لها وهكذا حتى تختتم هذه الرحلة الإيمانية


(١) اُنظر صحيح مسلم بشرح النووي ج ٨ ص ٣٣٨. الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي ج ٣ ص ٢٢٧٦.
(٢) سنن أبي داود برقم (١٩٥٣).
(٣) اُنظر صحيح مسلم بشرح النووي ج ٨ ص ٣٣٨.
(٤) روى أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي قال: "خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بمنى فَفُتِحَتْ أسماعنا حتى كنا نسمع ما يقول ونحن في منازلنا فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار فوضع أصبعيه السبابتين ثم قال: "بحصى الخذف"، ثم أمر المهاجرين فنزلوا في مقدم المسجد، وأمر الأنصار فنزلوا من وراء المسجد، ثم نزل الناس من بعد ذلك. برقم الحديث (١٩٥٧).
(٥) اُنظر صحيح مسلم بشرح النووي ج ٨ ص ٣٣٨.

<<  <   >  >>