المرأة عنده أكثر من منديل ورقي يقضي بها حاجته ثم يمضي مدبراً عنها بكل قسوة، وهذا أيضاً من موروثات الجاهلية، وهؤلاء المخدوعون الخادعون هم أيضاً من أبناء الجاهلية التي قام في وجهها الإسلام.
المبدأ الخامس:"وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتابَ الله":
المبدأ الخامس هو الاعتصام بحبل الله المتين وبصراطه المستقيم الذي لا تزيغ به الأهواء ولا يبلغ من ابتغى الهدْيَ بغيره، ولا يضل من طلب الهدي فيه.
فالجاهلية العفنة تبرز في وجه جديد يحذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه أمته حين يتسوّل بعض أبنائها الهداية من شرائع ونظم مستوردة تنبهر بها جماعات إلى أجل ثم ما يلبث بريقها أن يخبُتَ لتتوالى التجارب في ساحة الأمة، وفي كل محاولة أنصار ودعاة، وطاقات تتبدد دون أن يبدو في الأفق القريب من بريق أمل أو خلاص إلّا من خلال توجيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأمة إلى الاعتصام في الحصن الذي لا تُذِلُّ فيه أحداً، ولا تُذَّل، فهو الميزان الذي تضع في كفتيه مشكلاتها، فإن أصغت إليه فهو الضمان لها من كل شقاء.
مبادئ خمسة وثمة سواها لو قصدنا الاستقصاء، يُخْرِجُ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسؤولية من عنقه ويضعها في عنق الأجيال المتعاقبة التي يخاطبها من خلال هذا الحشد الجامع.
ولكي يطمئن إلى أنّ خطابه قد وعته الأمة وأدركت مقاصده فإنه - صلى الله عليه وسلم - يشهد أمته أمام الله على ذلك فيقول لهم:"وأنتم تُسْأَلون عني فماذا أنتم قائلون؟ " وترتفع أصوات الحجاج تعلن بملء فيها: (نشهد أنك قد بلَّغتَ وأَدّيْتَ ونصحت) ويتهلل وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما لامس أذنيه من جواب، ويطمئن إلى أنه يستطيع الآن أن يودع أصحابه وهو في مأمن من المساءلة بين يدي العزة عن أي تقصير، ثم ينظر بعيني الرضا إلى السماء، ثم