للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسافراً منهم سفراً طويلاً أما من كان حاضراً من أهل مكة أو عرفات أو مزدلفة أو مسافراً سفراً قصيراً دون مرحلتين فلم يجز له فقهاء الشافعية الجمع كما لم يجيزوا له القصر (١) ووافقهم في ذلك أتباع مذهب الإمام أحمد بن حنبل حيث ذهبوا إلى أن الجمع والقصر هناك سببه السفر الطويل فيختص بالمسافرين وأنه ليس من سنن الحج ومناسكه.

وهناك قول عند الشافعية يذهب إلى أنه يستوي في هذا الجمع المقيم والمسافر فالجمع عند هؤلاء علته النسك وليس السفر الطويل وهو ما يتفق مع مذهب الحنفية (٢).

قال الإمام النووي في جمع الصلاتين يوم عرفة: "وقد أجمعت الأمة عليه واختلفوا في سببه فقيل: بسبب النسك وهو مذهب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي وقال أكثر أصحاب الشافعي هو بسبب السفر" (٣).

هذا ويؤذن للأولى وهي الظهر ثم يقيم للصلاة لها، ثم يؤدي فرضها وبعد أن يسلّم يقيم لصلاة العصر ولا يؤذن، لها ثم يأتي بفرضها دون أن يصلي بينهما شيئاً كما


(١) قال الإمام ابن حجر الهيتمي: "هذا وليتفطن الآن لدقيقة وهي أنّ الحاج المصري والشامي وغيرهما صاروا في هذه الأزمنة يجلسون بمكة بعد النفر الثاني (أي من منى) فوق أربعة أيام خلاف ما كانوا عليه من سفرهم بعد النفر قبل الأربعة وحينئذ فلا يجوز لهم قصر ولا جمع إلا أن يقال: إنهم يتوقعون السفر كل ساعة فهم كمن حبسه الريح في البحر وقد قالوا: "إن له ولمن في معناه الترخص ثمانية عشر يوماً غير يومي الدخول والخروج ... " ثم قال: "وفي المجموع: لو دخل الحجاج مكة ونووا أن يقيموا بها أربعاً أتموا فإذا خرجوا يوم التروية لمنى ونووا الذهاب لوطنهم بعد فراغ نسكهم ترخصوا من حين خرجوا؛ لأنهم أنشئوا سفر قصر اهـ ولا يضرهم نية العود لمكة للطواف؛ لأنها غير وطنهم بخلاف المكي إذا خرج لذلك قاصداً السفر إلى مسافة قصر بعد نسكه فإنه لا يترخص في خروجه للحج؛ لأن رجوعه وإن كان لحاجة وهي الطواف فهو إلى وطنه وهو مانع للترخص على المعتمد عند الشيخين خلافاً للأذرعي وغيره". اُنظر نفس المرجع ص ٣٠٨ ـ ٣٠٩.
(٢) اُنظر نفس المرجع ص ٣٠٨.
(٣) اُنظر صحيح مسلم بشرح النووي ج ٨ ـ ص ٣٤١.

<<  <   >  >>