للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صرح بذلك جابر رضي الله عنه وإلا بطلت صلاته (١)؛ لأن جمع التقديم تشترط فيه الموالاة وكذا الترتيب كما تفيده رواية مسلم في صحيحه عن جابر.

وتؤدى هذه الصلاة جماعة كما مر (٢).

وفي هذا الجمع يؤدي الحجاج سنة الظهر القبلية أي التي تقع قبل صلاة الظهر ثم يصلون الظهر ثم العصر ثم يؤدون سنة الظهر البعدية أي التي تقع بعد الظهر عادة، ثم سنة العصر. هذا ما يفعلونه، وهو ما يسن في حق كل من صلّى جمعاً بسبب السفر، في أي البلاد كان، لكن ضيوف الرحمن في عرفة لا يتنفلون بعد الصلاتين بغير ما ذكرنا من السنن الراتبة، ويبادرون إلى تعجيل الوقوف وهو ما نص عليه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى (٣).

والذي نخلص إليه أن الجمع هناك محل عمل جماهير الأمة: فهل نعرض عنه بسبب إقامتنا في مكة (٤) أو نؤديه عملا بمذهب من قال هو من النسك؟


(١) قال الإمام النووي في عموم جمع التقديم: "فإن أراد الجمع في وقت الأولى فله ثلاثة شروط: أن يبدأ بالأولى وأن ينوي الجمع قبل فراغه منها والأفضل أن تكون النية عند الإحرام بها وأن لا يفرق بين الصلاتين بصلاة سنة ولا غيرها فإن فقد أحد هذه الشروط بطل الجمع ووجب أن يصلي الثانية في وقتها ولو فرق بين الصلاتين بنحو الكلمتين أو الثلاث لم يضر وإن فرق بالتيمم بأن تيمّم للأولى ثم سلّم منها، ثم تيمّم للثانية وشرع فيها من غير تأخير جاز على المذهب الصحيح". اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح في مناسك الحج للنووي ص ٦٧ - ٦٨.
(٢) صلاة الجماعة في السفر مستحبة لكن لا تتأكد كتأكدها في الحضر. اُنظر نفس المرجع ص ٦٩.
(٣) اُنظر نفس المرجع ص ٦٩ و ٣٠٩.
(٤) الإقامة في مكة أو غيرها هي زمنٌ امتداده أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج بحيث يمكث هذا الوقت أو ينوي البقاء هذه المدة فأكثر منها فيعد بذلك مقيماً، أما ما دون ذلك من الزمن فلا يعد إقامة عند الشافعية للحديث الذي رواه مسلم في صحيحه في باب جواز الإقامة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث ليال يمكثهن المهاجر بمكة بعد الصدر" أي بعد الصدر من منى إلى مكة. قال الإمام النووي ج ٩ ص ٤٨٠ - ٤٨١: "كأنه يقول: لا يزيد عليها" معنى الحديث أن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم عليهم استيطان مكة والإقامة بها ثم أبيح لهم إذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرها أن يقيموا بعد فراغهم ثلاثة أيام ولا يزيدوا على الثلاثة. واستدل أصحابنا وغيرهم بهذا الحديث وعلى أن المقيم ثلاثة ليس له حكم الإقامة بل صاحبها في حكم المسافر.

<<  <   >  >>