للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي يبدو لي ـ والله تعالى أعلم ـ أن مراعاة الهيئة التي أداها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عرفات حين جمع بين الظهر والعصر على وجه التقديم تستدعي منا العمل على مذهب الإمام أبي حنيفة في هذه المسألة لكنه اشترط لجواز هذا الجمع أن تؤدى الصلاتان على الهيئة التي وردت بها السنة وهي إمام وإحرام فلو لم يصلِّ بهم الإمام وهو ولي الأمر أو نائبه صلى كل واحد منهم الفريضة في وقتها ولا يجمعها بأختها ومع اختلال هذا الشرط اليوم فإننا نأخذ بمذهب صاحبي أبي حنيفة الإمامين الجليلين أبي يوسف ومحمد حيث أجازا الجمع في عرفة لمن صلى جماعة بإمامة غير ولي الأمر أو نائبه وهو ما يحصل اليوم مع الغالبية العظمى من الحجاج كما أجازا الجمع للحاج ولو كان منفرداً (١).

هذا الكلام يعضده مذهب الإمام مالك الذي ذهب إلى أن أهل الموقف يجمعون بين الصلاتين للنسك مع القصر لكل صلاة منها إلّا لساكني عرفات في عرفات وساكني مزدلفة (٢).

كما يعضده ما سبق بيانه من مذهب بعض الشافعية القائلين: إن الجمع عام في حق أهل الحضر والسفر على السواء.

بعد الحديث عن جمع الصلاة يحضر الكلام عن قصر الصلاة هناك فهل تؤدى تامة أو قصراً في ذلك الصعيد؟

أترك تفصيل هذا لفضيلة أستاذنا الدكتور نور الدين عتر حفظه الله إذ قال:

"وأما القصر فهو عند الجمهور من أحكام السفر فمن كان مكياً أو قدم مكة


(١) اُنظر كتاب الحج والعمرة في الفقه الإسلامي لأستاذنا الدكتور نور الدين عتر في الفصل الثاني في أركان الحج المبحث الأول في الوقوف بعرفة (سنن الوقوف بعرفة) ص ٧٠ ـ ٧١.
(٢) اُنظر الفقه الإسلامي وأدلته لأستاذنا الدكتور وهبة الزحيلي ج ٣ ـ ص ٢١٥٤.

<<  <   >  >>