للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه ويمتد به إلى الوقوف على الصفا والمروة إلى أن يصير علامة فارقة عليه، ثم يطيل النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاءه يوم عرفة متذللاً متخشعاً باكياً وهو على ناقته ويُمضي فيه من الوقت ما لم يقضه في أي مكان آخر من بعد الزوال عقب الخطبتين والصلاة إلى غروب الشمس.

وفي مزدلفة في المشعر الحرام أطال نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - التضرع بين يدي مولانا الكريم منذ أن صلى الفجر في أول الوقت بغلس إلى أن أسفر جداً قبل أن تطلع الشمس (١).

وفي أيام التشريق بعد رمي الجمرتين الأوليين كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستقبل القبلة ويقوم قياماً طويلاً يدعو ويرفع يديه قدر سورة البقرة (٢).

ومن الفوائد أن المنقول عن دعائه - صلى الله عليه وسلم - وثنائه على ربه في الحج قليل جداً بالنسبة لما لم ينقل؛ لأن الأصل في الدعاء أنه محض خطاب العبد لمولاه وأنه سر من أسرار عبوديته لربه، فالدعاء يتضمن حاجة الإنسان التي يرفعها إلى خالقه وهذا من خصوصيات كل مناجاة، كما تتضمن القائمة - بالنسبة لغير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنوف الذنوب التي سقطت منه وهذا أشد خصوصية (٣) ثم إن الدعاء الذي طال كثيراً يوم عرفة لم تغطه الأدعية المأثورة بما نقل لنا منها وهو قليل وبعضه ضعيف الإسناد ليس بقوي وإنْ ذلك كله إلّا نذر يسير في جنب كمٍّ هائل كبير من الدعاء المبارك الذي مارسه - صلى الله عليه وسلم -، ولا أدل على هذا من الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي أمامة ـ في عموم الدعاء ـ قال: دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) هذا ما سيأتي معك في حديث جابر بإذن الله.
(٢) روى الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي في السنن الكبرى ذلك برقم (٩٧٦١) عن وبرة قال: قام ابن عمر حين رمى الجمرة عن يسارها نحو ما لو شئت قرأت سورة البقرة.
(٣) هذه الجزئية في عموم الناس وإلا فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - معصوم عن الخطأ الذي هو بمعنى المعصية صغيرها وكبيرها قبل البعثة وبعدها.

<<  <   >  >>