للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نخلص من هذه الدراسة إلى أن المزدلفة بوابة الحرم المكي، وبعض منه، وأنها المكان الذي دخله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسكينة ووقار ودعاء وتلبية وتوحيد وذكر للغفار، وأن أول شيء بادر إليه فيها قبل حط الرحال كان الصلاة التي أخّر مكانها إلى أرض المشعر الحرام وهي التي أمرنا القرآن الكريم بذكر الله بها عند جبل قزح خاصه (المشعر الحرام).

فمزدلفة هي التي يقف فيها المندفعون من عرفات داعين متضرعين لله تعالى.

ومزدلفة هي التي يتجلى فيها ربنا على عباده حتى تعم الرحمة أهل الموقف جميعاً وتشملهم بركة عفو الله ومغفرته ورضوانه ثم تنتشر من هناك لتدرك كل تائب في الأرض حفظ يده ولسانه من إيذاء الناس.

ومزدلفة ساحة كبرى لطائفة من السنن بعضها قال العلماء بوجوبها وأنه يأثم تاركها وبأنها تجبر بدم كما في الوقوف فيها تلك الليلة على نحو ما سأفصله لك في الفقرة التالية (١)، فهل يعرّض الحاج نفسه للإثم والكفارة وقد جاء طالباً العَفو والصفح والقبول في مواطن تنزل الرحمات وإقالة العثرات؟ .

وهل يتجاهل ضيوف الرحمن على مائدة الرحمن آداب القدوم وشعائر الخضوع والولاء؟ أوهل يليق بضيف الله في بيت الله أن يُغَرّر به شيطانه بقوله: هذه سُنّة ولا ضير في ترك السنة؟ وهل يليق بالمسلم المحب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقصر في سنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ .

وهل الاتباع إلّا ثمرة من ثمرات الحب؟ .

وإذا لم يتذوق المسلمون طعم المتابعة لإمامهم وقائدهم وحبيبهم وأسوتهم وقرة


(١) العلماء في هذا الوقوف بين قائل بركن وقائل بوجوب وقائل بسنة والأخير هو أحد قولي الشافعي وهو ضعيف والمعتمد الوجوب عنده. اُنظر نفس المرجع والجزء ص ٤١٥.

<<  <   >  >>