للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عيونهم محمد - صلى الله عليه وسلم - في الأقوال والأفعال والتقريرات في مجاهدات الركن الخامس التي يقوم جوهرها على قاعدة التلقي المباشر لمناسك الحج من سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأدق تفصيلاتها في حجة الوداع (١) فمتى يتذوقون ذلك؟ .

أليست رائحة المصطفى العطرة تفوح من ربوع مزدلفة وتلبيته ما يزال صداها يتردد فوق السهل والجبل؟ .

بوسع أحدنا أن يلقي نظرة ويجري مقارنة بين حجاج يختارون لأنفسهم في هذه الأيام الطريق الدائري الذي يلتف بهم حول المزدلفة وصولاً إلى المسجد الحرام مباشرة دون أن يعرج بهم إلى المزدلفة وما فيها من خير عميم وواجب جسيم، وبين وقوف ابن عمر كلما حج وقف عند الشِّعب الذي مال إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقضاء الحاجة والوضوء فينزل الصحابي الجليل في ذات المكان لينقض وضوءه هناك ويتوضأ بعده دون أن يسبغ الوضوء مبالغة منه في المتابعة من غير أن تعرض له في ذاك المكان حاجة.

مزدلفة هذه ليست مجرد منزل كسائر المنازل لا مزية فيه ولا خصوصية كما يروق للبعض أن يدعي! فهذا القول باطل رده العلماء (٢) ودحضته البراهين والوقائع ويكفي


(١) هذا ما صرح به حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: لتأخذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه. أخرجه مسلم برقم (١٢٩٧/ ٣١٠) وابن خزيمة (٢٨٧٧) وأبو داود برقم (١٩٧٠) والنسائي (٥/ ٢٧٠) وأحمد بن حنبل في مسنده برقم (١٤٤١٩) كما أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده بلفظ آخر برقم (١٤٥٥٣) جاء فيه عن جابر قال: "دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه السكينة وأَوْضع في وادي محسّر فأراهم مثل حصى الخذف، وأمرهم بالسكينة، وقال: لتأخذ أمتي مَنْسِكَها فإني لا أدري لعلي لا ألقاهم بعد عامهم هذا". قال في الموسوعة الحديثية على مسند أحمد: إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه.
(٢) هذا القول نقله الإمام النووي عن عطاء والأوزاعي بلغة التمريض أي الحكاية وهو ما يعني أنه لاتثبُّتَ في نسبته إليهما، ثم صرح بأنه باطل. قال النووي: وحكي عن عطاء والأوزاعي أن المبيت بالمزدلفة في هذه الليلة ليس بركن ولا واجب ولا سنة ولا فضيلة فيه بل هو منزل كسائر المنازل إن شاء تركه وإن شاء لم يتركه ولا فضيلة فيه وهذا قول باطل. اُنظر صحيح مسلم بشرح النووي ج ٩ ص ٤١٥.

<<  <   >  >>