للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خامساً: أن يرقد بعد صلاتي المغرب والعشاء إلى ما قبيل الفجر اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي اضطجع بعد الصلاتين كما أخبرنا بذلك جابر في حديثه الطويل (١).

سادساً: صلاة الصبح في أول وقتها بغلس بدليل الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن عبد الله رضي الله عنه قال: "ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى صلاة لغير ميقاتها إلّا صلاتين: جمع بين المغرب والعشاء وصلى الفجر قبل ميقاتها" (٢).

وليس مقصود الراوي بقوله: "وصلى الفجر لغير ميقاتها" إيقاع صلاة الفجر قبل طلوعها، وإنما عنى به أنه - صلى الله عليه وسلم - صلاها في أول وقتها عقب أذان الفجر مباشرة على خلاف وقتها المعتاد لا قبل صلاة الفجر؛ لأن ذلك ليس بجائز بإجماع المسلمين فيتعين تأويله على ما ذكرته وهو ما نص عليه الإمام النووي الذي أيد كلامه بقوله: "وقد ثبت في صحيح البخاري في هذا الحديث في بعض رواياته أن ابن مسعود صلى الفجر حين طلع الفجر بالمزدلفة ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الفجر هذه الساعة" (٣).

وفي هذا المعنى يقول الإمام ابن حجر العسقلاني: "فليس معناه أنه أَوْقع الفجر قبل طلوعها وإنما أراد أنها وقعت قبل الوقت المعتاد فعلها فيه في الحضر ولا حجة فيه لمن منع التغليس بصلاة الصبح؛ لأنه ثبت عن عائشة وغيرها كما تقدّم في المواقيت التغليس بها، بل المراد هنا أنه كان إذا أتاه المؤذن بطلوع الفجر صلى ركعتي الفجر في بيته ثم خرج فصلى الصبح مع ذلك بغلس، وأما بمزدلفة فكان الناس مجتمعين والفجر


(١) السنن الكبرى للبيهقي برقم (٩٦٠١).
(٢) البخاري باب متى يصلي الفجر بجمع، ومسلم برقم (١٢٨٩/ ٢٩٢).
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ج ٩ ص ٤١٣.

<<  <   >  >>