للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما لو أخبره الطبيب الثقة بأن عذره المانع سيزول بإذن الله قبل انقضاء وقت الرمي ولو في نهار اليوم الثالث من أيام التشريق فإن الاستنابة حينئذ تمتنع؛ لأن أيام التشريق كيوم واحد فلا يفوت وقت الأداء إلّا بانقضائها كلها (١).

هذه المسألة لا فرق في جانبها بين الرجال والنساء، إذ ليست الأنوثة نقصاً في المرأة، ولا عذراً يبيح لها الإنابة ما دامت قادرة، وهو ما يلقي بظلاله على أفواج تستمرئ إرسال النساء في حافلات يوم التعجيل إلى مكة، وتفتي - ظلماً وجهلاً - بإنابتهن للرجال! إذ كل هذا باطل لا رصيد له في شرع الله الحنيف.

الشرط الثاني لصحة الإنابة أن يرمي النائب عن نفسه رمي جميع اليوم، ثم يرمي بعده عن مستنيبه، وبالتالي فلا يجوز في فقه السادة الشافعية أن يرمي النائب عن نفسه الجمرة الأولى ثم يرمي عن غيره ثم ينتقل إلى الجمرة الوسطى فيرميها عن نفسه ثم يرمي عن غيره، ثم ينتهي إلى جمرة العقبة فيرميها عن نفسه ثم يرمي عن غيره على عادة ما يجري اليوم من بعض الناس تسهيلاً لأنفسهم فهذا مما لا يجزئ (٢)؛

لأن رمي الجمرات


(١) نفس المرجع ص ٣٦١ - ٣٦٢. هذا وقد ذكر العلامة اين حجر قولاً نص على ضعفه يذهب إلى أن الحاج العاجز عن الرمي لا يؤخر رمي اليوم إلى مغيب الشمس ولا إلى غيره وإنما يستنيب لعجزه بعد زوال شمس اليوم الذي يرمي فيه مباشرة وقد ذكر بأنه مبني على أن وقت الأداء يخرج بانقضاء كل يوم من أيام الرمي وحده.
(٢) للزكشي قول يقابل هذا بجواز هذه الصورة وهي أن يرمي الجمرة الأولى عن نفسه ثم يرميها عن مستنيبه وهكذا يفعل في الجمرتين الباقيتين! هذا القول ضعيف في فتوى الشافعية وإن كان موافقاً لبعض المذاهب الأخرى. ولقد بنى الزركشي قوله على عدم اشتراط الترتيب بين الجمرات خلافاً لمعتمد فقه المذهب الشافعي حيث قال: "إن الترتيب بينها للكمال ولا يشترط". بينما نجد الشافعية يؤكدون اشتراط الترتيب؛ لأنه فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القائل: "خذوا عني مناسككم"، وفعل أصحابه والتابعين الذين أخذوا عنه تلك المناسك ورووها لمن بعدهم. من هنا فرّع الشافعية على هذا أنه لو كان على الحاج رمي يومين أي الثاني والثالث من أيام التشريق مثلاً فرمى كل جمرة بأربع عشرة حصاة، بحيث جعل سبعة منها للجمرة الأولى عن اليوم الثاني، وسبعة أخرى للجمرة الأولى نفسها لكن عن اليوم الثالث فقالوا: لا يقع شيء من رميه عن يومه أي الثالث؛ لأن رميه عن أمسه أي اليوم الثاني لم يتم بعد، لذلك يقع هذا الرمي عنه بسبع حصيات تخصه وتلغو الحصيات السبع الأخريات. هذا يدل على أن الجمرات الثلاث كالجمرة الواحدة، وأن الترتيب فيما بينها، والترتيب فيما بين أيام الرمي شرط لا بد منه للاتباع. اُنظر نفس المرجع ص ٣٦٢ .. أقول: تعقيباً على قول العلامة الهيتمي: على أيّ حال فإن لقول الزركشي الشافعي مستنداً من المذاهب الأخرى، فقد أفتى بذلك الحنفية والمالكية الذين قالوا: لو رمى حصاة لنفسه وأخرى للآخر جاز مع الكراهة. اُنظر الحج والعمرة ... ". لأستاذنا الدكتور نور الدين عتر ص ١٠٩.

<<  <   >  >>