(٢) للزكشي قول يقابل هذا بجواز هذه الصورة وهي أن يرمي الجمرة الأولى عن نفسه ثم يرميها عن مستنيبه وهكذا يفعل في الجمرتين الباقيتين! هذا القول ضعيف في فتوى الشافعية وإن كان موافقاً لبعض المذاهب الأخرى. ولقد بنى الزركشي قوله على عدم اشتراط الترتيب بين الجمرات خلافاً لمعتمد فقه المذهب الشافعي حيث قال: "إن الترتيب بينها للكمال ولا يشترط". بينما نجد الشافعية يؤكدون اشتراط الترتيب؛ لأنه فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القائل: "خذوا عني مناسككم"، وفعل أصحابه والتابعين الذين أخذوا عنه تلك المناسك ورووها لمن بعدهم. من هنا فرّع الشافعية على هذا أنه لو كان على الحاج رمي يومين أي الثاني والثالث من أيام التشريق مثلاً فرمى كل جمرة بأربع عشرة حصاة، بحيث جعل سبعة منها للجمرة الأولى عن اليوم الثاني، وسبعة أخرى للجمرة الأولى نفسها لكن عن اليوم الثالث فقالوا: لا يقع شيء من رميه عن يومه أي الثالث؛ لأن رميه عن أمسه أي اليوم الثاني لم يتم بعد، لذلك يقع هذا الرمي عنه بسبع حصيات تخصه وتلغو الحصيات السبع الأخريات. هذا يدل على أن الجمرات الثلاث كالجمرة الواحدة، وأن الترتيب فيما بينها، والترتيب فيما بين أيام الرمي شرط لا بد منه للاتباع. اُنظر نفس المرجع ص ٣٦٢ .. أقول: تعقيباً على قول العلامة الهيتمي: على أيّ حال فإن لقول الزركشي الشافعي مستنداً من المذاهب الأخرى، فقد أفتى بذلك الحنفية والمالكية الذين قالوا: لو رمى حصاة لنفسه وأخرى للآخر جاز مع الكراهة. اُنظر الحج والعمرة ... ". لأستاذنا الدكتور نور الدين عتر ص ١٠٩.