للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روى الإمام البيهقي في شأن عرض الشيطان لأبينا إبراهيم عند الجمرات عن ابن عباس أنه قال بعد أن ساق الحديث: "الشيطانَ ترجمون، وملة أبيكم تتبعون" (١)، وفي هذا إشارة إلى جانب من حكمة رمي الجمار.

ويؤيده الحديث الذي سبق ذكره وتخريجه عند الترمذي وأبي داود واللفظ له: "إنما جعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله".فهو لون خاص من ألوان ذكر الله تعالى، لذلك روعي فيه حكمة اتباع سيدنا إبراهيم عليه السلام وسائر الأنبياء في هذا الذي نسكه الله لنا في الرمي، وهو ما يتكرر في السعي بين الصفا والمروة اقتداء بزوج نبيينا إبراهيم هاجر عليها السلام.

سادس عشرها: ومن المسائل التي هي ذات ارتباط بالرمي في زمانه ومكانه مسألتان اثنتان:

الأولى: النزول بمنى، والمبيت فيها.

الثانية: زيارة مسجد الخَيف أيام منى.

نبدأ بالنزول بمنى، وحكم المبيت فيها:

النزول بمنى يوم النحر، والمبيت فيها ليالي التشريق أمر ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

روى أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن معاذ عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس بمنى، ونزَّلهم منازلهم، فقال: "لينزل المهاجرون ههنا" وأشار إلى ميمنة القبلة، "والأنصار ههنا" وأشار إلى ميسرة القبلة، "ثم لينزل الناس حولهم" (٢).


(١) "السنن الكبرى" للبيهقي (٩٧٩١)، كما أخرج سعيد بن منصور أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن رمي الجمار فقال: "الله ربكم تكبرون، وملة أبيكم إبراهيم تتبعون، ووجه الشيطات ترمون". اُنظر "الحاشية" للعلامة ابن حجر الهيتمي على "شرح الإيضاح" ص ٤١٥.
(٢) "سنن أبي داود" (١٩٥١).

<<  <   >  >>