للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عند أحمد (١).

مذهب الحنفية وافقهم عليه الشافعي في أحد قوليه وهو القول المرجوح، وأحمد في إحدى روايتيه. كما وافقهم في ذلك ابن عباس والحسن - رضي الله عنهم - (٢).

بعد بيان حكم الشرع في مبيت منى، أنتقل بالقارئ الكريم إلى العذر الذي يبيح للحاج ترك المبيت بمزدلفة أو ترك المبيت بمنى، وهو على أقسام:

القسم الأول: أهل سقاية العباس الذين أعطاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرف سقاية الحجاج إلى قيام الساعة لا ينزعها عنهم إلّا ظالم. جاء في صحيح البخاري "أن العباس بن عبد المطلب استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له" (٣).

هذا الإذن بالسقاية لا يختص بالعباس - رضي الله عنه -، ومن قال بذلك فقد نسبه العلامة ابن حجر العسقلاني إلى الجمود، والصحيح أنه يدخل به آل العباس، ويدخل به قومه بنو هاشم، ليشمل العذر بعد ذلك كل من احتاج إلى السقاية أو قام بالعمل بها خدمة لحجاج بيت الله الحرام (٤)، والعلة في ذلك انشغاله في إعداد الماء للشاربين، وهذا عام في آل العباس وغيرهم (٥).

عذر السقاية عن واجب المبيت مرده أنّ شغل السقاة يتم ليلاً غالباً في عادة تلك


(١) الحج والعمرة في الفقه الإسلامي، د. نور الدين عتر ص ١٢٧، وفتح الباري شرح البخاري لابن حجر العسقلاني ٣/ ٧٣١.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٩/ ٤٣٤، وفتح الباري شرح صحيح البخاري ٣/ ٧٣٠.
(٣) صحيح البخاري: باب هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟ رقمه (١٧٤٥).
(٤) قال الإمام النووي: "يجوز لهم ترك المبيت بمنى ويسيرون إلى مكة لاشتغالهم بالسقاية سواء تولّى بنو العباس أو غيرهم". وأعقب ذلك بقوله: "ولو حدثت سقاية للحجاج فللمقيم بشأنها ترك المبيت كسقاية العباس". اُنظر الحاشية للعلامة ابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح للنووي ص ٤٠٠.
(٥) فتح الباري شرح صحيح البخاري للإمام ابن حجر العسقلاني ٣/ ٧٣٠.

<<  <   >  >>