للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عملاً بقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة: ٢٠٣]، ثم لم يكن قد بات الليلتين الأولتين من أيام التشريق، فلا يقال في حق هذا: إنه ترك مبيت ليلتين بتعجله، فلزمه مدان! لأنه بهذا التعجيل الذي لم يسبقه مبيت يكون تاركاً لجنس المبيت، لذلك يلزمه دم في هذه الصورة. وذلك بخلاف من تأخر ولم يتعجَّل - وهو الأفضل (١) - بأن كان في منى وقت غروب شمس اليوم الثاني من أيام التشريق (٢)

فبات الليلة الثالثة فيها، مع تركه الليلتين قبلها، فإنه في هذه الهيئة يلزمه فقط عن كل يوم مدُّ طعامٍ، ولا دم عليه (٣).

وجوب المبيت بمنى خالف فيه الحنفية، فقالوا: هو سنة، وأجابوا عن حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ وغيره، بأنه - صلى الله عليه وسلم - ثبت في منى ليسهل عليه الرمي في أيام التشريق، فليس من أفعال الحج، فتركه عندهم لا يوجب الدم، وهو القول المشهور


(١) قال الإمام النووي: "وهذا النفر وإن كان جائزاً فالتأخير إلى اليوم الثالث أفضل". قال العلامة ابن حجر في حاشيته على هذا الكلام ص ٤١٢: "قوله أفضل أي: إلاّ لعذر كغلاء أو غيره سواء في ذلك الإمام وغيره، لكن في المجموع عن الأحكام السلطانية أنه ليس للإمام النفر الأول؛ لأنه متبوع فلا ينفر إلا بعد تمام النسك".
(٢) لو رحل الحاج من منى فغربت عليه الشمس قبل انفصاله من أرضها فنفره صحيح وله الاستمرار في السير، ولا يلزمه المبيت آخر ليالي منى، ولا الرمي.
والحكم الشرعي ذاته فيما لو غربت عليه الشمس وهو في شغل الارتحال من منى، بحزم أمتعته وتهيئة نفسه لكن هذا على الأصح ويقابله قول بخلاف ذلك.

وكذا لو نفر من منى قبل الغروب وخلَّفها وراءه ثم عاد قبل الغروب أو بعد الغروب لحاجة ما جاز له كسابقيه النفر على الأصح ولا يلزمه مبيت ولا رمي، ويقابله قول بخلاف ذلك. اُنظر نفس المرجع ص ٤١٣.
(٣) اُنظر تفصيل ذلك في نفس المرجع فيما قاله العلامة ابن حجر الهيتمي ص ٣٩٩. في شرحه لقول الإمام النووي: "قوله: وإن ترك المبيت ليلة المزدلفة إلخ".

<<  <   >  >>