للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لنسيان له، أو جهل بوجوبه، تعين عليه دم شاة جبراً للخلل (١).

هذا الدم لا يجزئ عن ترك المبيت في مزدلفة فيما لو ترك معه المبيت بمنى بل يلزمه على ذلك دمان على الأصح (٢).

هذا فيمن لا عذر له، أما تارك المبيت بالمزدلفة أو بمنى لعذر، فلا شيء عليه وسيأتي بيان ذلك بعد هذا بعونه تعالى.

فإن ترك الحاج مبيت ليلة واحدة فالأصح أنه يجبرها بمدٍّ من طعام (٣)،

وإن ترك مبيت ليلتين لزمه مدّان، فإن ترك لياليها الثلاث وجب عليه دم شاة كما قلنا، لكن هذا فيما لو لم ينفر النفر الأول في اليوم الثاني من أيام التشريق؛ لأنه إذا نفر وتعجَّل


(١) الحاشية لابن حجر على شرح الإيضاح ص ٣٩٧. نقلاً عن المجموع للنووي.
(٢) وفي قول: يجزئ دم واحد، اُنظر الحاشية لابن حجر على شرح الإيضاح ص ٣٩٩.
(٣) قال النووي بعد هذا: "وقيل بدرهم، وقيل بثلث دم". أقول: وهذا الأخير هو الواجب أصالة كما قال الفقهاء؛ لأنه الموافق للقياس؛ لأن الدم الكامل إذا كان مجزئاً عن ترك مبيت ثلاث ليال، فالمناسب أن يكون ثلث دم مجزئاً عن ترك مبيت ليلة واحدة لكنه عدل إلى المد رفقاً ومسامحة؛ لتعسر تبعيض الدم؛ ولأنه لم يرد تبعيض بدله وهو الصوم قياساً لكفارة ترك المبيت أو الرمي على دم التمتع الذي بدله صيام عشرة أيام عند العجز عن دم شاة. فلم يرد تبعيض الصيام بجعل ثلاثة أيام هي الكفارة هكذا دون اتباعها بصيام أيام أخر، وفي هذا كلام طويل بإسهاب وعناية للعلامة الإمام شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي من ص ٣٩٧ إلى ص ٣٩٩.
ومن تمام القول أن نذكر أن الدم الكامل يجزئ أيضاً عن ترك مبيت ليلة واحدة؛ لأنه إذا أجزأ عن ترك الليالي كلها فإجزاؤه عن ترك ليلة واحدة هو أولى. هذا الإجزاء عن ترك مبيت ليلة واحدة هو عين ما ذهب إليه المالكية لكن على سبيل الوجوب. قال أستاذنا الدكتور نور الدين عتر في الحج والعمرة في الفقه الإسلامي ص ١٥٥: "فالمالكية قالوا إن تَرَكَ المبيت بها جُلَّ ليلة فدم وكذا ليلة كاملة أو أكثر وظاهره ولو كان الترك لضرورة".

<<  <   >  >>