للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشرط الراعي - كما في أهل السقاية - أن يتعسَّر عليه العود إلى منى (١)، أو يخشى من فراق الإبل ضياعها، ولو بسبب الجوع؛ أو لأنها لا تصبر على تقصير من يتعهدها ويرعاها تماماً كما لو خشي المتعهد على المريض تأذياً فيما لو فارقه، كما سيأتي (٢).

فرِعاء الإبل يجوز لهم ترك المبيت بعذر الرعي ليالي منى جميعها، ولهم ترك رمي اليوم الأول من أيام التشريق بعد أن غادروا منى عقب رمي جمرة العقبة يوم النحر، وحينئذٍ يعودون إن استطاعوا في اليوم الثاني من أيام التشريق للرمي عن يومين بشرط الترتيب الذي ذكرناه، فإن لم يتح لهم الخروج إلى منى في اليوم الثاني من أيام التشريق جاز لهم الذهاب إلى موضع الجمرات، ورميها بالترتيب المشروط في اليوم الأخير من أيام التشريق؛ لأن ترك رمي يومين متتاليين لا يضر عند الشافعية سواء في ذلك المعذورون أو غير المعذورين؛ لأن غير المعذورين إذا جاز لهم ذلك، فالمعذورون لهم التأخير إلى ما قبل غروب شمس آخر أيام العيد من باب أولى، وكل هذا مبني على ما صححه فقهاء الشافعية من بقاء وقت الرمي أداء إلى آخر أيام التشريق.

أما إن اشتغل أهل الرِّعاء بالإقامة بمكة اليوم الثاني من أيام التشريق- من جهة أن عملهم ينقطع ليلاً غالباً بخلاف أهل السقاية - فإنهم (٣) يبيتون في منى الليلة الأخيرة على سبيل الوجوب، ويرمون بعد زوال الشمس اليوم الأخير.

أما إن لم يتح لهم الإقامة بمنى بسبب احتياجات شغلهم فلا يجب عليهم المبيت


(١) ربما أخذوا هذا من الحديث السابق أعلاه: "الراعي يرمي بالليل، ويرعى بالنهار" لكن ذلك لا يتيسر له دائماً، لذلك وجدنا في الحديث الأول أعلاه تأخير الرمي للرعاة ليومين.
(٢) الحاشية لابن حجر على شرح الإيضاح ص ٤٠٠.
(٣) أي أهل رِعاء الإبل.

<<  <   >  >>