للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حينئذ كأهل السقاية (١).

القسم الثالث: كل من له عذر بسبب آخر غير هذين القسمين، فقد توسع الشافعية في أمره فقاسوه على أهل السقاية، لذلك جزمتْ كتبهم بإلحاق من له مال يخاف ضياعه، أو مريض يتعهده (٢) يخشى إن تركه لأجل المبيت فوت مصلحته، أو كان مريضاً يشق معه المبيت، أو اشتغل عن ليالي منى بطلب عبد آبق أو بالبحث عن ضالة يرجوها.

ومن الأعذار ما لو كان مديناً لآخر بمال ويخاف من غريمه حبساً، ولا بينة له تشهد بعسره، ومثله ما لو كانت تنتظره عقوبة يرجو بغيبته العفو عنها، ويلحق بذلك ما لو عجز عن لباس لائق به، وإن كان عنده ما يستر به عورته وكذا خوفه إن بات ثَمَّ من سفر رفقته (٣).

بناء على ما ذكره الشافعية فإن الحجاج الذين تقدمت بهم السن بحيث يشق معهم المبيت بمنى، يسقط عنهم ذلك المبيت، وكذا من يحتاجونه لتعهد شؤونهم ولو لم يكن طبيباً أو قريباً أو صديقاً، ولو لم يشرف أحدهم على الموت بل أولئك يعذرون من باب أولى (٤)؛ لأن الشافعية ذكروا هذا في أعذار صلاة الجماعة ومنها الجمعة، وهي واجب


(١) الحاشية لابن حجر على شرح الإيضاح ص ٤٠١.
(٢) اُنظر فتح الباري شرح صحيح البخاري للإمام العلامة أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ٣/ ٧٣٠.
(٣) اُنظر دقائق ذلك تفصيلاً وتوثيقاً فيما أسهب في بيانه العلامة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي في حاشيته على شرح الإيضاح للنووي ص ٤٠١ ـ ٤٠٢.
(٤) ومعنى العذر أنه يسقط به الإثم والدم معاً، لكن يفوت معه تحصيل ما فات من فضل. هكذا نظر الشافعية للعذر سواء في المبيت أو الجمعة أوالجماعة أو في غير ذلك. نفس المرجع ص ٤٠٣. أما المالكية فقد قالوا: يجب الدم في أصحاب الأعذار سوى رِعاء الإبل؛ فالعذر عندهم لم يسقط الدم إلا في أصحاب الرعاء. اُنظر فتح الباري شرح صحيح البخاري للعلامة ابن حجر العسقلاني ٣/ ٧٣.

<<  <   >  >>