للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عيني كالمبيت بمنى، ومع ذلك فقد قالوا: إنَّ مجرد استئناس المريض بشخصٍ عذرٌ يسقط عنه الجماعة والمبيت ولو كان للمريض متعهد يرعاه (١).

وبناء على ذلك فإن الحجاج من أطباء المستشفيات والمراكز الإسعافية في مكة يعذرون بترك المبيت إن كان لديهم ما يشغلهم، ومثل هؤلاء الحجاج من موظفي الفنادق والأبنية المستأجرة وكذا من له مال أو أودع عنده مال يحفظه ويخشى من ضياعه (٢)، ومن باب أولى إن خاف الحاج على نفسه لأي سبب من الأسباب، وهو نص عبارة إمامنا النووي الذي قال: "أو يخاف على نفسه، أو مالٍ معه ... " (٣).

وبناء عليه فإنَّ الحاج لو اشتغل عن المبيت بمنى بطواف الإفاضة كان ذلك عذراً له، وهو نظير ما قاله الفقهاء في عذر المشتغل عن المبيت بالمزدلفة بالوقوف بعرفة (٤)، وكلا المسألتين مما نصَّ عليه الشافعية (٥).


(١) نصَّ العلامة ابن حجر في حاشيته على شرح الإيضاح بإبطال الفرق بين الجمعة والمبيت بمنى، مستدلاً على إلحاق الثاني بالأول بأن كلاً منهما واجب عيني، فجاز قياس عذر المبيت على عذر الجمعة. وقد رد بذلك على من فرَّق بينهما، لا بل إنه توسع في ذلك فذكر المسأله التالية: " (وقد سئلت) عمن نزل بمكة فدخل عليه الليل بها فنام فلم يستيقظ إلا وقد ذهب معظم الليل! فهل النوم عذر هنا؟ وأجبت أخذاً مما تقرر بأنه إن غلبه النوم كان عذراً هنا نظير ما قالوه ثَمَّ، وإلا فإن غلب على ظنه أنه يستيقظ ويدرك معظم الليل بمنى فلم يتفق له ذلك فلا شيء عليه، وإلا لزمه الدم وأثم لإباحة النوم له في الأول دون الثاني نظير ما قالوه في النوم في وقت الصلاة ويأتي في النوم هنا قبل الوقت ما قالوه ثمَّ من الخلاف في أنه كالنوم في الوقت أم لا". ص ٤٠٢.
(٢) جاء في المنهاج القويم ما هو أعم من المال حيث قال الإمام ابن حجر الهيتمي ص ٤٢٩: (ولا يجب) ..... (على من له عذر) يمنعه منه: كأن يخاف على محترم.
(٣) الحاشية لابن حجر على شرح الإيضاح للنووي ص ٤٠١.
(٤) قيد هذا وشرطه ما إذا لم يمكنه العود إلى مزدلفة ليلاً، مراعاة لوجوب الترتيب بين الوقوف بعرفة والمبيت بالمزدلفة للقادر على الإتيان بهما. نفس المرجع من كلام العلامة ابن حجر ص ٤٠٢.
(٥) نفس المرجع والصفحة، والمنهاج القويم ص ٤٢٩.

<<  <   >  >>