للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ (١) كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢) (٣٦) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا (٣) وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ (٤) كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}

هذه السنة المؤكدة في سوق الإبل كانت موضع اهتمام السلف الصالح وعلى رأسهم إمام السلف والخلف محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي نحر ثلاثاً وستين بدنة بيديه الشريفتين، وأناب ابن عمه علياً لنحر ما غبر منها، أما اليوم فقد أعرض أكثر الناس أو كلهم عن ذلك، وربما السبب في هذا قدومهم بوسائل نقل حديثة يستحيل في معظمها سوق الهدي إلى الحرم، مما دفعهم إلى البحث عن البديل وهو الحصول على الهدي مما يجلبه المتخصصون إلى مكة من إبل وبقر وغنم وشياه من أنحاء الأرض، في تساهل واضح بِجُلّ السنن المرتبطة بهذا النسك كنحر أو ذبح الهدي من قبل صاحبه، وتقليده وإشعاره وغير هذا من المستحبات والأحكام التي سنأتي عليها.

ومما زاد الطين بلة بلوغ التساهل عندهم إلى درجة من الّلامبالاة ضاعت فيها


(١) "أطعموا" أمر مقتضاه الإباحة كما قال مجاهد والطبري، و"القانع" السائل من قولك: قنَع الرجل يقنِع قنوعاً إذا سأل بكسر نون يقنع أما بفتحها فمعناه: يتعفف ويستغني، فالقنوع من يقنِع هو ضد القناعة من يقنَع، فالقانع هو الطامع وهو السائل، وأما المعتر فهو الذي يطيف بك يطلب ما عندك معترضاً من غير سؤال أو الذي يزورك ولا يسألك. اُنظر تفسير القرطبي ١٢/ ٦٣، وفتح الباري ٣/ ٧٧٨.
(٢) هذا من معجزات الله وإنعامه علينا أنها أقوى من أجسامنا ثم مكننا الله منها، لذلك يسن التكبير عند نحرها.
(٣) قال ابن عباس: كان أهل الجاهلية يُضَرّجون البيت بدماء البدن، فأراد المسلمون أن يفعلوا ذلك فنزلت الآية. تفسير القرطبي ١٢/ ٦٣.
(٤) عبَّر بالنيل مجازاً عن القبول والوصول والمعنى لن يصل إلى الله لحومها ولا دماؤها، ولكن يصل إليه التقوى منكم فيقبله. أي ما أريد به وجه الله يسمعه ويثيب عليه.

<<  <   >  >>