للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ (١) لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ (٢) فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا (٣) صَوَافَّ (٤) فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا (٥) فَكُلُوا مِنْهَا (٦)


= عليها، وقدر على البقرة فهل تجزيه أو لا؟ فعلى مذهب الشافعي وعطاء لا تجزيه وعلى مذهب مالك تجزيه. قال الإمام القرطبي ـ وهو مالكي المذهب ـ: والصحيح ما ذهب إليه الشافعي وعطاء لقوله عليه السلام في الحديث الصحيح في يوم الجمعة: "من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة" [البخاري (٨٨١)، ومسلم (٨٥٠)، وابن حبان (٢٧٧٥)، من حديث أبي هريرة] ويؤيده قوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: ٣٦] فإن هذا الوصف خاص بالإبل، أما البقر فيضجع ويذبح كالغنم.
اُنظر مختار الصحاح، وفتح الباري لابن حجر العسقلاني ٣/ ٦٧٧، والجامع لأحكام القرآن للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ١٢/ ٥٩ - ٦٠. على أي حال الإمام النووي ذكر في شرحه على صحيح مسلم ٩/ ٤٣٥ أن البدنة في اللغة تطلق على الإبل والبقر والغنم، وقال: هو قول أكثر أهل اللغة، لكن معظم استعمالها في الأحاديث وكتب الفقه في الإبل خاصَّة.
(١) نصّ في أنها بعض شعائر الله.
(٢) يريد بذلك المنافع ومنها الرزق الذي تحمله الإبل معها لأهل الحرم.
(٣) كنى عن النحر بذكر الله؛ لأن أحدهما يقترن بالآخر، أي: انحروها على اسم الله.
(٤) صوافَّ: بالفتح والتشديد قراءة الجمهور، من صفَّ يصفّ، وواحد صوافّ صافّة والمعنى: انحروها وقد صفت قوائمها؛ لأن الإبل تنحر قياماً وهي معقولة إحدى اليدين، وتبقى قائمة على ثلاث قوائم، وأصل هذا في الخيل، لذلك يقال: صفن الفرس فهو صافن إذا قام على ثلاث قوائم، ومنه قوله تعالى: {الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} [ص: ٣١]، جمع صافنة وهي التي رفعت إحدى يديها بالعقل لئلا تضطرب. اُنظر تفسير القرطبي ١٢/ ٦٠.
(٥) معنى وجبت: أي سقطت ومنه وجبت الشمس إذا سقط قرصها في البحر وغاب، أو سقط خلف الجبال. وقد كنى البيان الإلهي عن الموت بالسقوط على الجنب، وهذا دليل على أن السنة أن تنحر وهي قائمة، لذلك قالوا: تقيّدها ثم تصفّها ثم تنحرها، وحينئذٍ تسقط على جنوبها ميتة، ولو كانت تنحر باركة لما قال تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} هذا قول الجمهور. وقال أبو حنيفة: تنحر باركة وقياماً. اُنظر نفس المرجع ص ٦١.
(٦) في هذا ندب أن يأكل الإنسان من هديه؛ لأنهم في الجاهلية ما كانوا يأكلون من هديهم.

<<  <   >  >>