للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا وإشعار الإبل والبقر ذهب إلى سنيته الشافعية والحنبلية والمالكية (١).

ومن الإشعار تقليد الهدي بنعلين إشهاراً لأمر هذه الذبائح بأنها نسك وعبادة، وما كان كذلك فيليق به الإظهار، بخلاف ذبائح الجنايات ـ الكفارات ـ والإحصار؛ لأن الجناية يليق بها السِّتر، وهذا باتفاق فقهاء الشافعية والحنفية (٢).

واستحب الشافعية أن يكون للنعلين قيمة؛ ليمكنه التصدق بهما عند انتهاء المهمة في منى.

أما عن إشعار التقليد، فهو وإن كان للإشهار بأمر العبادة وهذا من تعظيم شعائر الله إلّا أنه يشير إلى حقارة الدنيا، وأنها إلى الزوال (٣)، وأن الفائدة فيها هي بالنسبة لمن امتطى صهوتها للوصول إلى آخرته، فانظر إلى مائة من الإبل ساقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كم تساوي من الثمن الباهظ، كيف نحرها، وتصدق بلحمها، وكان له منها فقط بضع لقيمات، فهل هناك أبلغ من ذلك على هذا.

إن وضع القلادة للإبل والبقر والغنم ومثلها الإشعار، أمر ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. جاء في صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "خرج زمن الحديبية في بضعَ عشرةَ مائةً من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلَّد النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدي، وأشعر وأحرم بالعمرة" (٤).


(١) الحج والعمرة في الفقه الإسلامي للدكتور نور الدين عتر ص ١٧٧ ـ حيث ذكر بأن الحنفية قالوا: هو مثلة، والمثلة منهي عنها، لكن الجواب ما قلته لك، ولأنه لو كان ذلك كذلك فأخبار النهي عن المثلة عامة وأخباره - صلى الله عليه وسلم - في هذا خاصة، فتخصص عموم تلك، فالإشعار باب آخر غير المثلة من نحو الحجامة والكي، وشق الأذن للحيوان، وهي من قبيل الوسم والختان الذي يمارس يومياً في حياة الناس، لذلك قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار ٥/ ١١٧: "وروى الطحاوي عن أبي حنيفة كراهته، والأحاديث ترد عليه، وقد خالف الناس في ذلك حتى خالفه صاحباه أبو يوسف ومحمد".
(٢) نفس المرجع والصفحة.
(٣) الحاشية لابن حجر ص ٣٦٤.
(٤) الباب (١٠٦)، باب: من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم برقم (١٦٩٥).

<<  <   >  >>