للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} متناولاً ما يندرج تحت سمائه من مسائل:

المسألة الأولى: البُدْن وما يلحق بها من الهدي للبقر والغنم والشياه شعيرة من شعائر الله يجب تعظيمها لقوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢)} [الحج: ٣٢].

والشعائر كما يقول المفسرون جمع شعيرة وهو كل شيء لله تعالى فيه أمر أشعر به وأعلم عنه، ومنه شعار القوم في الحرب؛ أي: علامتهم التي يتعارفون بها (١).

وعلى هذا شعائر الله أعلام دينه، لاسيما ما يتعلق بالمناسك، وهو ما يدخل فيه هنا إشعار البدنة إعلاماً بأنها هدي، والمراد به شق الجلد من صفحة سنامها اليمنى حيث يلطخها بجزء من دمها ليعلم من رآها أنها هدي فلا يتعرض لها ببيع ولا بغيره (٢).

وفي هذا الإشعار تخفيف عن ضغط الدم الذي تلاقيه الإبل تحت حرّ صحراء الجزيرة العربية، فهو أشبه ما يكون بالحجامة فليس في هذا مُثلة؛ لأنه فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولأن المثلة إنما تأتي من حيث إفحاش الجرح، وهذا ممنوع كما نصّ على ذلك فقهاء الشافعية؛ لأن الرحلة رحلة سلام، ولأن الحكمة أن يعلم الناس أن هذا هدي كما قلنا، لا أن تؤذى الإبل، لذلك قال بعض الشافعية: الإشعار خاص بالسفر القريب كالمدينة المنورة، لئلا يمرض الحيوان أو يتلف (٣).


(١) تفسير القرطبي ١٢/ ٥٥.
(٢) الحاشية للعلامة ابن حجر على شرح الإيضاح للنووي ص ٣٦٥.
(٣) الحاشية للعلامة ابن حجر على شرح الإيضاح للنووي ص ٣٦٥.

<<  <   >  >>