للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك" (١).

ومن الأدلة التي ما ينبغي لأحدنا أن يغفل عنها وهو يستظل بالرواق الممتد لحجة النبي - صلى الله عليه وسلم - في أدق تفصيلاتها ذلك النص الذي أورده جابر، ورواه عنه مسلم من أنه - صلى الله عليه وسلم - "أمر ببَضعة ـ بقطعة ـ أُخذت من كل بدنة من بُدُنه فجعلت في قدر فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها لذلك قال العلماء: لما كان الأكل من كلّ واحدة سنة، وفي الأكل من كل واحدة من المائة منفردة كلفة، جعلت في قدر ليكون آكلاً من مرق الجميع الذي فيه جزء من كل واحدة، ويأكل من اللحم المجتمع في المرق ما تيسَّر (٢).

وقال الإمام النووي: "وأجمع العلماء على أنَّ الأكل من هدي التطوع وأضحيته سنة ليس بواجب" (٣) فالأكل منها خاص بهدي وأضحية التطوع كما سيأتي.

فالهدي قسمان:

الأول: هدي التطوع وهو الذي يتقرب به الحاج أو المعتمر إلى الله دون وجود سبب يلزمه بذلك. وهذا مستحب لكل حاج أو معتمر اقتداء به - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فقد أهدى مائة بدنة كما هو متفق عليه من روايتي البخاري ومسلم، وهذا الهدي يستحب أن يأكل منه كالأضحية، ويجب عليه عند الشافعية والحنبلية أن يتصدق بقدر يقع عليه اسم الصدقة ولو كان قليلاً ما لم يكن تافهاً. نفهم هذا من خلال الأدلة السابقة، ومن قوله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا شَهْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ


(١) وهذا هو الحديث الآخر الذي روي بإسناد حسن، ورقمه في مسند أحمد (١٦٢١٤)، والحديث كما ترى هو أحد الاحاديث التي نسخت تحريم لحوم الأضاحي فوق ثلاث.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٨/ ٣٤٧.
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ٨/ ٣٤٧.

<<  <   >  >>