مكة مثلاً يمر بها خط طول هووحده الذي لا يتأثر بالذبذبات المغناطيسية من بين سائر خطوط الطول المنتشرة في خرائط الدنيا، وهوما يؤكد لنا أن خط غرينتش الذي يحمل الرقم (٠) في تعداد خطوط الطول، والذي تنتشر سائر تلك الخطوط عن يمينه وشماله هوفي الموضع الخطأ؛ لأن خط غرينتش يجب في ميزان البحث العلمي الحديث واستنتاجاته القطعية أن ينتقل إلى خط الطول الذي يمر بالكعبة المشرفة، في دعوة ملحة من كل منصف متحرر لصياغة جديدة لخرائط العالم العسكرية والمدنية على ضوء هذا المعطى الذي نقدم اقتراحاتنا بشأنه بسلاح العلم، وليس بسلاح الغطرسة الذي استخدمته بريطانية يوم كانت عظمى في وضع الخط المار بقرية غرينتش قرب لندن محوراً للخرائط المرسومة.
هذا الإنجاز العلمي الكبير يجعلنا نحلق في آفاق جديدة لقوله تعالى: {وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الأنعام: ٩٢]، وفي إشارة واضحة إلى أن مكة المكرمة هي أم مدن الدنيا كلها؛ لأن خطوط الطول الحقيقية إنما تنتشر عن يمين وشمال خط البيت العتيق؛ ولأن القرى إذا أطلقت في القرآن الكريم إنما تعني المدن كما أن هذا المعنى يردّ من هذا الوجه على المستشرقين في نبذ عقيدة إرسال محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة! الأمر الآخر هو أركان الكعبة حيث هي في الاتجاهات الأصلية للجهات، فالركن الأسود في الشرق بالضبط بالرغم من أن مكان شروق الشمس يختلف من يوم ليوم، ولكن لحظة الشروق الأولى دائماً هي على الركن الأسود. أما الركن الشامي فهو في الشمال تماماً وهكذا ... أقول هذه الدقة في بناء أركان البيت مع ملاحظة أن الكعبة بنيت قبل آلاف السنين وبأساليب بدائية، فهذا إعجاز علمي آخر. أيضاً المدينة المنورة هي على ذات خط الطول الذي يمر بمكة المكرمة وهوالخط الذي ينتهي إلى بعض الجزر في الجهة المقابلة من الكرة الأرضية. أيضاً بالنسبة لمكة المكرمة فإنها ضمن قانون حماية طبيعي أقامته القدرة الإلهية من أخطار الزلازل والبراكين التي تهددها بسبب انفتاح البحر الأحمر، وبيان ذلك أن درجة الحرارة الأرضية تحت الحجاز هي أعلى درجة حرارة في الأرض كلها مع ملاحظة أن سماكة القشرة الأرضية تحت تلك الأرض عادية، تصل إلى أربعين كيلومتراً، مع ذلك فإن درجة الحرارة عالية مما يجعل الصخر هناك يتصف بالليونة التي تسهل امتصاص الصدمات إضافة إلى هذا نجد حرم مكة على مقربة من البحر الأحمر حيث يقوم ماؤه بامتصاص الصدمات بسهولة، لذلك فإن معظم الزلازل والبراكين التي تجري اليوم لايشعر بها أحد؛ لأنها تحدث تحت سطح البحر، حيث يقوم ماء البحر بامتصاصها. وهذا فيما يبدو لي من الآيات البينات التي تبعد احتمال حدوث زلزال أوبركان في مكة المكرمة، وإن كنا علمياً لا نستطيع أن نجزم بنفي ذلك عن أي بقعة في الأرض، مع تكرار قولنا بأن مكة تمتاز عن غيرها بنظام حماية إلهي. [باختصار وتصرف عن البحث السابق لزغلول النجار عن قناة الجزيرة].