للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستطابة من الحاوي فقال: ولماء زمزم حرمة تمنع من الاستنجاء به انتهى (١). وكذلك من استعماله إلّا فيما وردت فيه الرخصة، وقد صح أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ به، وأمر أن تبرد به الحمى فلا يتعدّى به ما ورد. قال: لكن إن استنجى به أجزأ بالإجماع. وجزم المحب الطبري أيضاً بتحريم إزالة النجاسة به وقال: إن بعض الناس استنجى به فحدث به البواسير. وقال الروياني: تكره إزالة النجاسة به لحرمته. وقال العجلي: الأولى أن لا يتطهر به لكرامته، وفي شرح المهذب المسمى بالاستقصاء عن الصيمري: إن غيره من الماء أولى منه" (٢).

وفي ختام البحث قال الإمام الزركشي: وقضية إطلاق الجمهور أنه كغيره (٣)

ومن أحكام ماء زمزم جواز إخراجه وغيره من مياه الحرم، ونقله إلى جميع البلدان، بدليل أن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ كانت تحمل ماء زمزم، وتخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحمله (٤).

كما صرح الإمام النووي في شرح المهذب بقوله: ويستحب نقله للتبرك (٥).

ومن المسائل الهامة أن ما يجري من بعض المسافرين حين ينفد الماء من بين أيديهم بينما زمزم في حوزتهم، فيعرضون عنه حفاظاً على نقله إلى بلدانهم، فيتيممون ولا


(١) اختلف الفقهاء في هذه الحرمة فبعضهم تأول بأن ماء زمزم من أنهار الجنة، وهو مردود لعدم ثبوته. قال العلامة الزركشي: "ولا قائل به". وقيل: لكونه نابعاً من منبع شريف أورده الزركشي أيضاً بأنه لو سُلّم به للزم القول بكراهية الاغتسال بماء عين حلوان في القدس، وسائر مياه الحرم، ولا قائل بذلك. إن الشيء الذي قال علامتنا الزركشي إنه يمكن أن يحتج به من قال بالتحريم أن ماء زمزم طعام بنص رواية مسلم عن أبي ذر، والطعام حرام، فيلتحق ماء زمزم بالمطعومات لما ذكر، وبهذا نعلل مأخذ الماوردي على من لم يقل بحرمة الاستنجاء خلافه. اُنظر "إعلام الساجد باحكام المساجد" للزركشي ص ١٣٦ - ١٣٧.
(٢) نفس المرجع ص ١٣٦.
(٣) نفس المرجع والصفحة.
(٤) أخرجه الإمام أبوعيسى محمد بن عيسى بن سُورة الترمذي في سننه برقم الحديث (٩٦٣) وقال: هذا حديث حسن. كما نقل ذلك العلامة الزركشي وأضاف قوله: والحاكم وقال: صحيح الإسناد. اُنظر إعلام الساجد ص ١٣٧.
(٥) نفس المرجع والصفحة للعلامة الزركشي.

<<  <   >  >>