للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونص الحنفية الشافعية والحنابلة على جواز الوضوء به، حيث قالوا بعدم كراهة الوضوء بماء زمزم" (١).

"أما الاغتسال بماء زمزم فالأئمة الأربعة على جواز الاغتسال به إزالةً للحدث (٢). لكن كره بعض المتأخرين ذلك في صورة التفريق عندهم بين الوضوء والغسل، حيث رأوا الاغتسال يجري مجرى إزالة النجاسة من وجه، لذلك عم البدن كله لما صار جنباً. كما أن حدث الجنابة أكبر وأغلظ من حدث الوضوء" (٣).

"كما استدلوا بالرواية التي أوردها الأزرقي في تاريخ مكة، عن العباس بن عبد المطلب حين حجر زمزم عن المغتسل بقوله: لا أحلها لمغتسل، وهي لمتوضئ وشارب حل وبل (٤) " (٥).

وأما إزالة النجاسة بماء زمزم فهي خلاف الأولى، لعدم ورود نص في التحريم، وربما خروجاً من خلاف العلماء الذين قالوا بالكراهة، أو أوْلئك الذين ذهبوا إلى التحريم. وقد نص إمامنا النووي على أن غيره أولى بالاستنجاء منه كما سيأتي.

قال العلامة الزركشي: وأما الاستنجاء به فحرام صرح به الماوردي في باب


(١) نفس الرجع لسائد السمان ص ٢١٤ - ٢١٥
(٢) نفس المرجع السابق ص ٢١٩
(٣) إعلام الساجد ... للزركشي ص ١٣٥ - ١٣٦
(٤) حل أي حلال. أما البل فهوالمباح، وقيل شفاء من قولهم: بلَّ الرجل وأبلّ إذاً بَرَأ.
(٥) هذه الرواية قال عنها إمامنا النووي - رحمه الله - في كتابه المجموع ص ١ ص ٩٢: لم يصح ما ذكره عن عن العباس بل حكيَ، عن أبيه عبد المطلب. اُنظر كتاب: فضل ماء زمزم للباحث سائد السمان ص ٢٢٠. أقول: كلام ابن عباس - إن صح - لا يفهم منه بالضرورة كراهة الاغتسال بماء زمزم رفعاً للجنابة؛ ولأنه لانجاسة فيها، ولأن النجاسة ليست إزالتها محل اتفاق على التحريم، فالأكثر بين الكراهة وخلاف الأولى - كما سيأتي -؛ ولأن الرواية تتحدث عن رجل نزع ثيابه واغتسل عرياناً فقال في حقه ما ذكر، ولأن النهي قد يقع على هذا الصورة بالذات أي انغماسه بماء البئر، أوتقع على عُريه، والحديث إذا تطرق إليه الاحتمال، بطل به الاستدلال؛ ولأن الحديث لم يثبت عن العباس، بل هو محكي عن أبيه، كما مرَّ.

<<  <   >  >>