للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمن امتثل أمر ربه فقد نأى بنفسه عن التهاون، ومن خالف الله في أمره فقد هتك حرمة البيت.

وفي بستان الحديث النبوي الشريف تفوح رائحةُ أزهار تسير على خط متوازن مع البيان الإلهي في ترسيخ فضيلة الركن الخامس:

ندخل بادئ ذي بدء إلى حديقة الإمام مسلم في صحيحه الجامع، ونضع فيها اليد على وردة نبوية نفتح أوراقها فإذا بداخلها: "العمرة إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلّا الجنة" (١).

رواية صحيحة ظاهرة في فضيلة العمرة والحج:

أما العمرة فهي مكفرة للخطايا الواقعة بين العمرتين، والحديث موضعُ احتجاج لمن نصر مذهب إمامنا الشافعي في استحباب تكرار العمرة في السنة الواحدة مراراً خلافاً لمذهب مالك وأكثر أصحابه في كراهة أن يعتمر في العام أكثر من مرة.

وأما الحج فيأتي على ضابطه الإمام النووي بقوله: "الأصح الأشهر أن المبرور هو الذي لا يخالطه إثمٌ، مأخوذ من البر وهو الطاعة، وقيل: هو المقبول، ومن علامة القبول أن يرجع خيراً مما كان، ولا يعاود المعاصي، وقيل: هو الذي لا رياء فيه. وقيل الذي لا يعقبه معصية (٢)، وهما داخلان فيما قبلهما. ومعنى ليس له جزاء إلّا الجنة أنه لايقتصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه، بل لابد أن يدخل الجنة" (٣).


(١) صحيح مسلم برقم: (١٣٤٩/ ٤٣٧) كما رواه الإمام أحمد في مسنده برقم (٧٣٥٤) ولفظه عنده: "الحج المبرور ليس له جزاء إلّا الجنة، والعمرتان ـ أو العمرة إلى العمرة تكفر ما بينهما".
(٢) لكن يرى الإمام القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) أنّ الحج المبرور هو الذي لم يعص الله سبحانه فيه لا بعده، كما نقل إمامنا القرطبي عن الحسن أنه قال: "الحج المبرور هو أن يرجع صاحبه زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة". اُنظر تفسير القرطبي ٢/ ٤٠٥.
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي حـ ٩ ص ٤٧٨ ـ.

<<  <   >  >>