للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"أما علمت يا عمرو أنّ الإسلام يهدم ما كان قبله، وأنّ الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأنّ الحج يهدم ما كان قبله" (١).

الحج الذي يُكفِّر به ربنا ذنوب الحجاج هو المبرور الذي لم يخالطه إثمٌ من الإحرام إلى التحلل، وصاحبه ينالُ في الآخرة عفواً شاملاً للصغائر والكبائر من ذنوبه التي ارتكبها حتى التبعات على المعتمد من فقه السادة الشافعية، وذلك إنْ مات قبل أن يتمكن من أداء ما عليه، أما إنْ عاش بعد تمكنه من أداء التزاماته الدينية مثلاً كالصلاة التي قصّر فيها، ولم يقضها بعد، فلا تسقط عنه بالحج، أو الدنيوية مثلاً كالدين الذي ثبت في ذمته، وتمكَّن من أدائه ولم يفعل، فلا يسقط كذلك (٢).

ومن فضائل الحج أن البشرية برمتها تشهد منافعه خاصة الحجاج وأهل مكة: أما الحجاج فما يتنزل عليهم من وارداتٍ إلهية، وما يتم بينهم من تبادلات ثقافية، وتعارف بعد جهالة، وخبرة في العلاقات الاجتماعية ناهيك عمّا يأتيهم من أرزاقٍ وخيرات، تعد منافع لهم.

وأما أهل مكة فما هم بصدده من صدقات وكفارات وألوان البيوع والتجارات لا يخفى على ذي بصيرة ولب.

وفي هذا المعنى يقول الباري - عز وجل -: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: ٢٨].قال الإمام القرطبي: {مَنَافِعَ لَهُمْ} أي المناسك؛ كعرفات والمشعر الحرام. وقيل المغفرة. وقيل التجارة. وقيل هو عموم؛ أي ليحضروا منافع لهم،


(١) صحيح ابن خزيمة للإمام أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري برقم (٢٥١٥).
(٢) تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب للشيخ محمد أمين الكردي الإرْبلّيّ نسخة بتحقيق الشيخ محمود قطان ص ٢٣٤. أقول: التكفير بالنسبة للآخرة، أما الدنيا فلا كما لو زنى ثم حج.

<<  <   >  >>