للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي ما يرضي الله تعالى من أمر الدنيا والآخرة؛ قاله مجاهد وعطاء واختاره ابن العربي فإنه يجمع ذلك كله من نسك وتجارة ومغفرة ومنفعة دنيا وأُخرى. ولا خلاف في أنّ المراد بقوله - عز وجل -: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٨٩] التجارة (١).

ومما جاء في فضيلته أنّ رسول الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - عدَّه من صنوف الجهاد حين سألته السيدة عائشة: "هل على النساء جهاد؟ قال: نعم جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة" (٢) وفي رواية أُخرى للبيهقي: (٢٩٠٢) عن أُم سلمة؛ قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحج جهادُ كل ضعيف".

وفي صحيح البخاري: (١٤٤٧) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: "إيمانٌ بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: جهادٌ في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حجٌّ مبرور".

وفي البخاري كذلك من حديث السيدة عائشة أُمِّ المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: "يا رسولَ الله: نرى الجهاد أفضلَ العمل أفلا نجاهد؟ قال: لا، لكنّ أفضلَ الجهاد الحج" (٣).

إنَّ الجهاد الذي تناول به رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - موضوع الحج لهو أصدقُ وصفٍ وأدقُّه؛ لأنَّ طبيعة البلدة الحرام وإلى جانبها طبيعة الأحكام التي انضبطت بها فريضة الحج من الزمان المخصوص، إلى المكان المخصوص، إلى الفعل المخصوص في أرضٍ قال الله عنها:


(١) الجامع لأحكام القرآن للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي حـ ٢ ص ٤٠.
(٢) أخرجه ابن ماجه: ٢٩٠١، والبيهقي وغيرهما بأسانيد صحيحة.
(٣) صحيح البخاري: ١٤٤٨.

<<  <   >  >>