للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جناية قتل النفس كما أسلفنا، أما إنْ كانت دون النفس فإنه يقتص منه في مكة وإنْ دخل إليها.

وقال إمامنا الشافعي - رضي الله عنه - وآخرون: حكم الحرم في هذا حكمُ غيره، فتقام فيه الحدود، ويستوفى فيه القصاص سواء كانت الجناية في الحرم أو في الحل ثم التجأ إلى الحرم (١). من أدلة الشافعية الأحاديث التي وردت في الصحاح في قتل الدواب الفواسق ومنها كل سبع يعقر، ومنها العقارب والأفاعي.

قال الإمام النووي: "وحجتنا عليهم هذه الأحاديث لمشاركة فاعل الجناية لهذه الدواب في اسم الفسق، بل فسقه أفحش لكونه مكلفاً؛ ولأن التضييق الذي ذكروه لا يبقى لصاحبه أمان فقد خالفوا ظاهر ما فسروا به الآية" (٢).

الثالث عشر: يكره حمل السلاح بمكة لغير حاجة، فقد ثبت في صحيح مسلم عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحلُّ لأحدكم أن يحمل السلاح بمكة" (٣). قال الإمام النووي: "هذا النهي إذا لم تكن حاجة فإن كانت جاز. هذا مذهبنا ومذهب الجماهير. قال القاضي عياض: هذا محمول عند أهل العلم على حمل السلاح لغير ضرورة ولا حاجة، فإن كانت جاز" ثم قال: "وحجة الجمهور دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - عام عمرة القضاء بما شرطه من السلاح في القراب. ودخوله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح متأهباً للقتال" (٤).

هذه هي مكة، الفضل فيها لا ينتهي، والقلم يعوزه المداد، كيف لا، وفيها بيت الله


(١) حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح في مناسك الحج للنووي ص ٤٦٥ ــ ٤٦٦.
(٢) الآية هي: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا} اُنظر شرح النووي على صحيح مسلم ٨/ ٢٨٨.
(٣) مسلم في صحيحه برقم (١٣٥٦/ ٤٤٩).
(٤) صحيح مسلم بشرح الإمام النووي، كتاب الحج، باب دخول مكة بغير إحرام ج ٩ ص ٤٨٧ ــ ٤٨٨.

<<  <   >  >>