كتاب الركن الخامس

فضيلة مكة المكرمة - ص: 93

في الأرض الذي يقال إنَّ موضعه خلق قبل خلق السموات والأرض (١).

كيف لا والنظر إليه عبادة، والطواف حوله تكليف، والاعتكاف في أرض مسجده تشريف.

كيف لا ورواية مجاهد تقول لنا إنه أحدُ أربعةَ عشر بيتاً في كل سماءٍ بيت، وفي كل أرض بيت بعضهنَّ مقابل بعض (٢).

كيف لا، وهو حرام بحرمة الله، وأحبُّ بلاد الله إلى الله، وأحبُّ البقاع إلى قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

كيف لا، والشيطان قد يئس أن يعبد في جنبات تلك الأرض المطهرة (٣).

كيف لا، ويقال إنه ما من نبي إلّا وحج بيت الله.

كيف لا، وفيه تسكب العبرات وتستجاب الدعوات كما في خطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسيدنا عليِّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، من روايةٍ من زيادة الحاكم، وهو ما يوثقه الواقع المشاهد في كل لحظة.

كيف لا، وقد اختارها الله عز وجل لبناء بيته، ومولد خاتم أنبيائه، ومبعثه - صلى الله عليه وسلم - {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: ٦٨] فهي اختياره من البلاد (٤) تشريفاً لها وتكريماً،

---

(١) روى هذا الأزرقيُّ في كتاب مكة عن مجاهد، اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح للنووي ص ٤٦٧.
(٢) نفس المرجع والصفحة.
(٣) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الشيطان قد أيس أن يعبد بأرضكم هذه، ولكنه قد رضي منكم بما تَحِقرون" قال الإمام نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي في مجمع الزوائد رواه أحمد. اُنظر ٣/ ٢٨٥ وقد وجدته في مسند الإمام أحمد برقم (٨٨١٠). قال محققوا الموسوعة الحديثية على مسند أحمد ج ١٤ ص ٤٠٩ "إسناده صحيح على شرط الشيخين".
(٤) هذه الفكرة وبعض الأفكار الواردة في هذه الفقرة مقتبسة عن كتاب زاد المعاد لابن القيم الجوزية بتصرف ١/ ٤٦ وما بعدها.