للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الحِكَايَة أَبُو حَاتِم ابن حِبَّان فِي مُقَدِّمَة "المَجْرُوْحِيْن" (١) فِي ذِكْرِ أَنْوَاع جَرْح الضُّعَفاء، فِي النُّوْع الحَادِي عَشَر، وَهُم جَمَاعَةٌ رَأَوا شُيُوْخًا سَمِعُوا مِنْهُم، ثُمَّ ذَكَرُوْا عَنْهُم بَعْدَ مَوْتِهِم أَحَادِيْثَ لَمْ يَسْمَعُوْهَا مِنْهُم؛ فَحَفِظُوْهَا، فَلَمَّا احْتِيْجَ إِلَيْهِم ظَفَرُوا عَلَيْهَا، وَحَدَّثُوا بِهَا عَنِ الشُّيُوْخ الَّذِيْن رَأَوْهُم مِنْ غَيْرِ تَدْلِيْس عَنْهُم.

وَقَالَ ابن رَجَب فِي "شَرْح عِلَل التِّرْمِذِي" (٢): "وَقَدْ كَانُوا يَسْتَدِلُّوْن باتِفَاق حَدِيْث الرَّجُلَيْن فِي اللَّفْظ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا أَخَذَهُ عَنْ صَاحِبِهِ، كَمَا قَال ابن مَعِيْن فِي مُطَرِّف بن مَازِن: إِنَّهُ قَابَل كُتُبَهُ عَنِ ابن جُرَيْج، ومَعْمَر؛ فَإِذَا هِي مِثْل كُتُب هِشَام بن يُوْسُف سَوَاء، وكان هِشَام يَقُوْلُ: لَمْ يَسْمَعْهَا مِنِ ابن جُرَيْج، ومَعْمَر؛ إِنَّمَا أَخَذَهَا مِنْ كُتُبِي".

قَالَ يَحْيَى: فَعَلِمْتُ أَنَّ مُطَرِّفًا كذَّاب. يَعْنِي: عَلِمَ صِدْق قَوْل هِشَام عَنْهُ".

قَالَ زَكَرِيا بْنُ يَحْيَى السَّاجِي: "نَسَبَهُ هِشَام بن يُوْسُف الصَّنْعَاني إِلى الكَذِب".

قَالَ مُقَيّدُهُ -عَفَا لله عَنْهُ-: تَعَقَّبَ الحَافِظ هَذِهِ الحِكَايَة فِي كِتَابَيْه "التَّعْجِيْل"، و"اللِّسَان"، فَقَال فِي "التَّعْجِيْل" بَعْد ذِكْرِهِ إِيَّاهَا: "قلتُ: وَهَذَا لاُ يُفيْد إِلا الظَّن، والظّنُّ قَدْ يُخْطِئُ؛ لاحْتِمَال أَنْ يَكُوْنَ سَمِعَ وَلَمْ يَكْتُبْ، أَوْ لَمْ يَسْمَعْ وَدَلَّسَ، أَوْ أَرْسَلَ الإِرْسَال الخَفِي، فيُنْظَر فِي رِوَايَتِهِ؛ فَإِنْ كَان عَبَّرَ بِلَفْظِ "عَنْ" فَهُوَ تَدْلِيْسٌ؛ فَلا يَسْتَلْزِم إِطْلاق الكَذِب عَلَيْهِ، وَإِنْ كَان صَرَّحَ بِالإِخْبَارِ احْتُمِلَ أَيْضًا أَنْ يَكُوْنَ حَدَّثَ بِالإِجَازَة عَلَى بُعْدِ هَذَا الاحْتِمَال، وَيَتَأَيّدُ ذَلِك أَنَّ ابن عَدِي قَال: "لَمْ أَرَ لَهُ


(١) (١/ ٧٢).
(٢) (٢/ ٧٦٦).

<<  <   >  >>