وهي بدل من الدهر بدل الاشتمال والتقدير حلب أشطر الدهر. وقولهم " أخذ الشيء برّمته " فيه قولان أحدهما أن الرّمة في هذا الموضع قطعة حبل يشدّ بها الأسير وذلك أنهم كانوا يشدون الأسير فإذا قدموه ليقتل قالوا أخذناه برمته أي بالحبل المشدود به ثم استعمل في غير هذا والقول الآخر قد ذكره ابو محمد وأنشد للأعشى بيتا قبله:
تنخّلها من بكار القطاف ... أزيرق آمن أكسادها
كحوصلة الرأل في دنها ... إذا اجنئت بعد أقعادها
فقلت له هذه هاتها ... بأدماء في حبل مقتادها
تنخلها أي تخير هذه الخمرة. وألازيرق الخمار وجعله أزرق لأنه كان علجا. وبكار القطاف أوله حين يقطف فيعصر أراد أول الخمر. وقوله آمن أكسادها يقول قد علم أنها جيدة فهو لا يخاف كسادها يقال أكسد الرجل إذا كدت سوقه وشبهها بحوصلة الرأل لحمرتها والرأل فرخ النعامة وحوصلته حمراء. ويقال بل أراد أن السنين أتت عليها فقللتها حتى اجنئت أي أضحت وأميلت بعد ما كانت منتصبة وهو إقعادها فقلت له أي للخمار هذه هاتها أي يعني هذه الخمرة فإني لا أريد غيرها. بأدماء أي بناقة أدماء وهي الصادقة البياض السوداء الأشفار والذكر آدم وفي الظباء الحمراء وفي الناس السمراء ومقتادها عبدها الي يقودها ويروي هاتها إلينا بأدماء مقتادها أي بالتي يقتاد عبدها الذي يقودها ويروي هاتها إلينا بأدماء مقتادها أي بالتي يقتاد صاحبها مثلها كما تقول امرأة حاطبها وجارية طالبها أي بالتي يطلب مثلها ويقال في قولهم " مابه قلبةٌ " أنه داء يصيب الإبل في رؤوسها فتقلبها إلى فوق. وأنشد أبو محمد لحميد بن ثور وذكر فرسا:
لا رحح فيها ولا اصطرار ... ولم يقلب أرضها البيطار
ولا لحبليه بها حبار
الرحح سعة الحافر وهو عيب يقال حافر أرحّ إذا كان واسعا والاصطرار ضيقة وهو عيب يقال حافر مصطر إذا كان ضيقا. ولم يقلب أرضها أي قوائمها والبيطار العالم بأحوال الخيل وأدوائها ويقال له ايضا بيطر ومبيطر. وقوله ولا لحبليه بها حبار يقول لم يشدها بحبليه فيؤثرا فيها وحبلاه الزيار والشكال.