قال أبو محمد " ومن العرب من يقول رحوت الرحا ومنهم من يقول رحيت " وأنشد قول مهلهل بن ربيعة التغلبي:
قتيل ما قتيل المرء عمرو ... وجساس بن مرة ذي ضرير
كأنا غدوة وبني أبينا ... بجنب عنيزة رحيا مدير
القتيل هو كليب بن ربيعة بن الحارث التغلبي وعمرو هو عمرو بن الحارث بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة وجساس هو جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان وهو ابن عم عمرو بن الحارث وكان سبب ذلك أن كليبا خرج يوما يدور في حماه فإذا هو بحمرة على بيض لها فلما نظرت إليه صرصرت وخفقت بجناحيها فقال أمن روعك أنت وبيضك في ذمتي ثم دخلت ناقة البسوس الحمى فكسرت البيض فرماها كليب في ضرعها فاستغاثت البسوس بجارها جساس وكان كليب زوج أخت جساس فعدا عليه جساس ومعه عمرو بن الحارث ابن عمه فقتلاه فوقعت الحرب بين بكر وتغلب أربعين سنة ولم تسكن الحرب حتى قتل جساس فقال مهلهل هذه الأبيات في يوم عنيزة من أيامهم وقوله ذي ضرير يقال أنه لذ وضرير على الشيء إذا كان ذا صبر عليه ومقاساة يقال ذلك في الناس والدواب وقوله وبني أبينا أراد بهم بكر بن وائل وعنيزة موضع وقوله رحيا مدير شبههم في هذا اليوم بالرحيين لأنهم تكافؤا فيه فلم يكن لبكر على تغلب ولا لتغلب على بكر.
[باب التاريخ والعدد]
وقد تقدم شرح التاريخ واشتقاقه وأما العدد فمبنى على الوقف لأن المراد به مجرد العدد ولا يراد الأخبار عنه تقول واحد إثنان ثلاثة أربعة فمتى أخبر عنه أو عطف بعضه على بعض أعرب تقول ثلاثة وأربعة وخمسة وتقول في الأخبار أربعة خير من ثلاثة وكذلك حروف التهجي مبنية إذا جردت من الأخبار أو العطف كقولك باتاثا فإن قلت باء وتاء وثاء أو قلت هذه باء حسنة وجيم جيدة أعربت وعدد المذكر بالهاء وعدد المؤنث بغير هاء وعلة ذلك أن العدد جمع والأغلب على الجموع التأنيث فجرى العدد عليه والمعدود مذكر ومؤنث والمذكر الأصل فحصل له التأنيث وحذفت الهاء من عدد المؤنث للفرق بينهما.