غرباء لست منهم فاحتمل منهم المكروه فإنك إن حاولت أن تنتصف منهم لم تجد معينا وقوله لرهط المرء خير بقية يقول إن ظلموه فظلمهم دون ظلم غيرهم والمجرب الذي قد خبر الأمور وعرفها. قال أبو محمد " زكنت الأمر ازكنه أي علمته وأزكنت فلانا أي أعلمته وليس هو في معنى الظن " وأنشد للغطفاني.
زكنت منهم على مثل الذي زكنوا.
وقد مضى تفسيره. قال أبو محمد " ما نجع فيه القول قال الأعشى " يمدح هوذة بن علي الحنفي:
سائل تميما به أيام صفقتهم ... لما أتوه أسارى كلّهم ضرعا
وسط المشقر في عشواء مظلمة ... لا يستطيعون بعد الضر منتفعا
لو أطعموا المن والسلوى مكانهم ... ما أبصر الناس طعماً فيهم نجعا
الصفق والصفقة في البيع والبيعة ضرب اليد على اليد للأيجاب وضرع إذا ذلّ وخشع هنأ ومرأ والسلوى طير بيض مثل السمانى الواحدة سلواة والمنّ الترنجبين يقول لو أطعموا في مكانهم من المشقر المن والسلوى ما نفعهم ولا كان هبيئاً ولا مريئاً وذلك أن بني تميم أغاروا على لطيمة كسرى فوجه إلى عامله المكعبر بهجر أن يكفيه إياهم فأمهل حتى أدرك النخل وحضر بنو تميم للشراء والميرة فقسم فيهم صعاما وقال إن الملك أمرني أنأقسم فيمن كان ههنا من بني تميم فأدخلوا فجعل يدخلهم الصفا والمشقر رجلا رجلاً فيأخذ سلاحه ثم يقتله وكان هوذة بن علي يوم الصفقة بهجر وكانت الملوك تدنيه وتوجهه فشفع لسرى بني تميم فأطلق له عن مائة منهم وكان نصرانياً فأطعمهم السوبق والبسر في الجفان حتى إذا كان يوم الفصح كساهم ثوبين ثم أطلقهم فمدحه الأعشى بهذا الشعر. قال أبو محمد " ورعد لي بالقول وبرق قال ابن أحمر ":
قالت له يوماً ببطن سبوحة ... في موكب زجل الهواجر مبرد
يا جل ما بعدت عليك بلادنا ... فأبرق بأرضك ما بدا لك وارعد
بطن سبوحة من وراء بستان ابن معمر من وراء جبل يقول كانت تواصله وهي مجاورته فلما أبردوا بالرواح قالت له يا هذا جل ما بعدت بلادنا عليك أي عظم بعد بلادنا عليك فليكن مقامك وخيرك وشرك ببلادك ولا تأتنا وقوله زجل الهواجر أراد غناء حداتهم في ذلك الوقت أن الحداة كفوهم وأنزلوهم حتى أبردوا وارتحلوا