الثاني: التفقُّه على النصوص مباشرة دون الاستفادة من الموروث الفقهي للمذاهب الأربعة إلا قليلًا.
الثالث: وهو التوسط بين المسلكين: بحيث ينتظم المتفقِّه في مذهب من المذاهب الفقهية، يتفقَّه على مختصراتها، وينتفع بما ورَّثه فقهاؤها، وفي الوقت ذاته يكون معظِّمًا للسنة والآثار، لا يقدِّم عليها شيئًا إذا ظهرت له، ويسعى في البحث عنها والتفقه فيها.
فيجمع في هذا المسلك بين الاستفادة من المذاهب الفقهية، والعناية بالنصوص الشرعية.
فأما استفادته من المدارس الفقهية الأربعة؛ فلكونها امتازت بعناية أصحابها بها العناية الفائقة، فالكتب فيها منتظمة مسطَّرة، والمسائل منضبطة محررة، والقواعد حاضرة مقرَّرة، فحُرِّرت الأقوال، وجُمعت الشروط، وذكرت القيود، وأُبعِد القول الشاذ، ونُبِّه على القول الغريب، فانتظم الفقه بمنظومة مترابطة، رُتِّب به ذهن المتفقِّه، وأُعِين على التعلم والتفقُّه.
وأما اشتغاله بالبحث عن دلائل الكتاب والسنة والآثار والنظر فيها وتفهمها؛ فلأنه الأصل الذي تنبغي العناية به، يقول ابن رجب في بيان طريق الرسوخ في العلم: (وأما فقهاء أهل الحديث العامِلُون به، فإنَّ معظمَ همِّهم البحثُ عن معاني كتاب الله عز وجل، وما